السمكة الصيادة الغامضة في أعماق البحار

اكتشاف علمي – السمكة الصيادة الغامضة في أعماق البحار

السمكة الصيادة الغامضة في أعماق البحار
استكشاف علمي

المقدمة
السمكة الصيادة، (The anglerfish)المُصنفة عِلميًا ضمن رتبة(Lophiiformes)، تُعتبر واحدة من أكثر المخلوقات البحرية غرابةً. ومن بين أشهر أنواعها، السمكة الصيادة (السيراتويدية (من عائلةCeratiidae)) والتي تظهر تباينًا جنسيًا شديدًا حيث تكون الإناث أكبر بكثير من الذكور.

يمكن أن يصل طول الإناث إلى 1.2 متر (4 أقدام)، بينما تبقى الذكور صغيرة، غالبًا لا تتجاوز بضع سنتيمتراتوتعيش هذه الأسماك في أعماق البحار المظلمة، على عمق يتراوح بين 200 متر (656 قدمًا) إلى أكثر من 1500 متر (4,921 قدمًا)، وبشكل خاص في المحيط الأطلسي والمحيط المتجمد الجنوبي، وقد تتواجد في بعض أجزاء المحيطين الهادئ والهندي كما تمتلك هذه الأسماك دورة حياة فريدة، حيث يندمج الذكر مع الأنثىليضمن التكاثر، مما يشكل أحد أكثر أشكال التطفل تطرفًا في عالم الحيوان.

لماذا يفقد ذكر السمكة الصيادة بصره وأعضاءه الداخلية؟

على عكس معظم الكائنات، فإن الدور الأساسي لذكر السمكة الصيادة هو التكاثر فعندما يجد الذكر أي أنثى، يقوم بعضها ويطلق إنزيمات تذيب جلده، مما يسمح لأنظمتهما الدموية بالاندماج ومع مرور الوقت، يتحول الذكر بالكامل إلى عضو تناسلي طفيلي، حيث يفقد عينيه وجهازه الهضمي وأعضاءه غير الضرورية الأخرى. يضمن هذا التكيف توافر إمدادات مستمرة من الحيوانات المنوية للأنثى، نظرًا لقلة اللقاءات بين الأفراد في أعماق المحيط القاحلة، حيث الغذاء نادر وفرص التزاوج ضئيلة.

هل السمكة الصيادة تشكل خطرًا على البشر؟

على الرغم من مظهرها المخيف، فإن السمكة الصيادة ليست خطيرة على البشر. نظرًا لبيئتها في أعماق البحار، فإن مواجهتها للبشر نادرة للغاية. حتى لو تم جلبها إلى السطح، فهي ليست عدوانية تجاه الإنسان. ومع ذلك، لا تؤكل السمكة الصيادة بشكل شائع، نظرًا لقوامها الجيلاتيني غير المستساغ وصعوبة صيدها من الأعماق. ومع ذلك، يتم استهلاك بعض أقاربها التي تعيش في المياه الضحلة، مثل سمك الراهب (Lophius species)، والتي تعد من الأطباق الشهية في بعض المناطق، خاصة في أوروبا واليابان.

هل يمكن للسمكة الصيادة العيش في أحواض السمك؟

نظرًا لتكيفها مع الأعماق السحيقة، فإن السمكة الصيادة ليست مناسبة للأحواض المنزلية أو المكتبية. تحتاج هذه الكائنات إلى ضغط مرتفع، ودرجات حرارة منخفضة جدًا، وظروف مظلمة للبقاء على قيد الحياة. ومن الصعب جدًا محاكاة مثل هذه البيئة في الأحواض العادية، لذا فإن السمكة الصيادة لا تعيش طويلًا خارج موطنها الطبيعي. بعض الأحواض العامة المتخصصة نجحت في الاحتفاظ ببعض أنواعها لفترات قصيرة، ولكن تربية هذه الأسماك لفترات طويلة لا تزال تحديًا كبيرًا.

الخاتمة
السمكة الصيادة واحدة من أكثر الكائنات غرابة في أعماق البحار، حيث تتميز بزعنفتها المضيئة، والتباين الجنسي الشديد، واستراتيجيتها التناسلية الفريدة. على الرغم من مظهرها المرعب، فهي مثال رائع على التكيف التطوري في واحدة من أقسى البيئات على الأرض. ورغم أنها لا تشكل خطرًا على البشر، إلا أنها تظل لغزًا علميًا، من الأفضل دراسته في بيئته الطبيعية بدلاً من الاحتفاظ به في الأسر.

بقلم: الكابتن البحري ورُبان أعالي بحار
د. مصطفى كريدلي
(أستاذ مُحاضر في الجامعة العُليا لعلوم أعالي البحار اليونانية الأوروبية)
(عضو في اتحاد قادة ربابنة أعالي البحار اليوناني)

أثينا في: 30 كانون الثاني 2025

ملاحظة: هذا المقال واللوحات المرفقة به خاص بصحيفة (الدنيا) ولم يُنشر في أي موقع إعلامي آخر.

المصادر:

1. Pietsch, T. W. (2005). Dimorphism, Parasitism, and Sex: Reproductive Strategies Among Deep-Sea Anglerfishes (Teleostei: Ceratioidei). Marine Biology Research.
2. Miya, M., & Nishida, M. (2000). Molecular Phylogeny and Evolution of the Deep-Sea Anglerfishes (Teleostei: Lophiiformes). Molecular Phylogenetics and Evolution.
3. Bray, R. A. (2001). Parasitic Adaptations in Deep-Sea Fishes: A Case Study of the Ceratioid Anglerfishes. Deep-Sea Research Part I.
4. Paxton, J. R. (1999). Adaptations of Deep-Sea Fish: Light, Pressure, and Energy Use. Marine and Freshwater Research.
5. Herring, P. J. (2002). The Biology of the Deep Ocean. Oxford University Press.
6. Nikaido, M., et al. (2003). Evolutionary Genetics of Deep-Sea Anglerfish and the Role of Sexual Parasitism. Journal of Ichthyology.
7. National Oceanic and Atmospheric Administration (NOAA). Deep-Sea Creatures: Anglerfish and Their Unique Bioluminescence.
8. org. Comprehensive Database on Anglerfish Species and Their Habitats.
9. MarineBio Conservation Society. Deep-Sea Adaptations of the Anglerfish.
10. BBC Earth Documentary: The Deep: Life in the Abyss.