التعليم بالذكاء الاصطناعي ، حل لسورية
التعليم بالذكاء الاصطناعي ، حل لسورية

التعليم بالذكاء الاصطناعي، حل لسورية
خاص الدنيا
في التعليم التقليدي، يقف مدرس أمام عديد من الطلاب، ويقدم محتوى تعليمي موحد، رغم اختلاف مستويات فهمهم وسرعة استيعابهم.
هذا النموذج، يعاني من عيوب جوهرية، أهمها:
• التعميم: لا يمكن تخصيص الوقت الكافي ومراعاة احتياج كل طالب.
• الإرهاق العاطفي: يشعر المدرسون بالتعب، والاحباط والغضب، مما يؤثر على جودة التدريس.
• بطئ النتائج: تصحيح نتائج الفحص أو “الوظائف المنزلية” قد يتأخر مما يحبط الطالب.
يقدم الذكاء الاصطناعي، حلاً متكاملاً لهذه التحديات، فهو:
• لا ينفعل، لا يمل، لا يغضب ولا يشعر بالإحباط مهما أخطأ الطالب، بل يكرر الشرح بلطف، ويُقدّم طرقاً مختلفة دون تعب.
• يُحلّل نقاط الضعف بدقة، و يتتبع خطوات الطالب ويكتشف الخطأ، ويعدل الشرح، ويشجع الطالب عند اللزوم.
• يسرّع من التعلّم -و يُقلّل من التكرار غير الضروري، ويُقدّم أمثلة خاصة بناءً على الأخطاء.
هنا خطر ببالي سؤال:
هل يمكن للطالب أن يحمّل مادة علمية أو محتوى أدبي، ويطلب من الذكاء الاصطناعي أن يُدرّسه له؟
الجواب: نعم، يمكن، وقد اختبرت هذا بنفسي.
يمكن أن نرفع محتوى تعليمي عن الأزمنة باللغة الصينية مثلا ونطلب من الذكاء أن يعلمنا اياه، وهو سيقوم بما يلي:
1. تحليل المحتوى باللغة التي ورد بها، وترجمته للغة التي نتحدث بها.
2. تقسيم المحتوى لوحدات صغيرة ومفهومة.
3. اختيار أساليب توضيحية مناسبة: تشبيهات، رسومات، أسئلة تفاعلية.
4. بدء الحوار التفاعلي:
*- ماذا تعرف عن الأزمنة باللغة الصينية؟
*- ماذا عليك أن تفعل لتقول كذا؟
*- جرب أن تتؤلف جملة؟!
*- ثم يبدأ بتوليد أسئلة عما تعلمته، ويصحح الاجابات ويعيد توليد الاسئلة بصيغة أخرى مراعياً نقاط الضعف.
أمثلة واقعية من العالم:
• Carnegie Learning’s math AI (الولايات المتحدة): نظام تعليمي ذكي يُدرّس الرياضيات عبر نموذج يتكيف مع كل تلميذ، يُقدّم تمارين مخصصة، ويُدلّ على الخطأ، ويشجّع على التفكير النقدي.
• Squirrel AI الصين: أحد أكثر أنظمة الذكاء الاصطناعي التعليمي انتشاراً، ويُستخدم في أكثر من 10,000 مدرسة في الصين.
يُدرّس الرياضيات والعلوم، ويُحسّن أداء الطلاب بنسبة 30–50% في أقل من سنة.
أكد تقرير من صحيفةSouth China Morning Post أن الصين دخلت “ثورة تعليمية مدعومة بالذكاء الاصطناعي”، حيث أصبحت أنظمة مثل Squirrel AI جزءاً من البنية التعليمية الوطنية.
يظن البعض أن تنفيذ هذا مستحيل مع الاطفال، لكن الأمر ليس كذلك إذ أنه سيشبه لعبة، لأن:
• الطفل يتعامل مع واجهة صديقة للأطفال: ألوان زاهية، شخصيات كرتونية، صوت مرح.
• تحفيز مباشر: يقول أحسنت!، يصفق ويشجع.
• ألعاب تعليمية: مثل “مغامرة العلم”، حيث ينهمك الطالب بمغامرة يطلب منه كتابة معلومات لإنقاذ كوكب الأرض من الخطر.
قامت مدارس في مدينة شنغهاي بتجربة نموذج الذكاء الاصطناعي Qwen من شركة علي بابا كمُدرّس مساعد في الصفوف الأولى، حيث:
• تم تزويد الأطفال بتطبيقات تفاعلية على أجهزة لوحيّة.
• تم إدخال مادة عن “النباتات والحياة”، ثم طُلب من الأطفال التحدث مع الصديق الصغير Qwen.
• النتيجة: قال 92% من الأطفال بأنهم “استمتعوا بالتعلم”، وقال: و78% قالوا إنهم فهموا الموضوع أفضل من خلال الحديث مع Qwen.
أشار تقرير من China Daily بأن الأطفال لم يكونوا يشعرون بأنهم يتعلمون، بل كانوا يلعبون – ومع ذلك، تعلّموا بشكل أعمق وأفضل.
تجربة نيجيريا: تطور ملحوظ في التعلم باستخدام الذكاء الاصطناعي
في واحدة من أبرز التجارب العالمية، أجرت وزارة التعليم في نيجيريا، بالتعاون مع منظمة UNICEF، تجربة في 150 مدرسة ريفية في ولاية أوندونو.
المشروع: “AI for All”
• تم تزويد الطلاب بـ “أجهزة ذكية صغيرة” مدمجة بنموذج ذكاء اصطناعي مُخصص للغة الإنجليزية والرياضيات.
• النظام يعمل بدون إنترنت (offline)، ويُدرّس باللغة المحلية.
• تعلم الطلاب بسرعة من خلال الألعاب، التحديات اليومية، والمسابقات.
بعد 6 أشهر كانت النتائج:
• ارتفع معدل الفهم من 45% إلى 78%.
• ارتفع متوسط الدرجات من 52 إلى 100/81.
• ارتفعت نسبة المشاركة في الفصل من 30% إلى 85.
• انخفضت نسبة الرسوب من 35% إلى 12%.
أكد تقرير UNICEF أن هذه التجربة أثبتت أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون حجر الأساس في تقليل الفجوة التعليمية في المناطق النائية.
كيف يمكن لسوريا الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التعليم؟
يعاني قطاع التعليم من مشاكل ليس أخرها نقص المدرسين ولا التسرب المدرسي، أمام هذه المشاكل وغيرها يبرز الذكاء الاصطناعي بشكل واقعي سهل وعاجل لإنقاذ منظومة التعليم، حيث يساعد بـ:
أ- مواجهة نقص المدرسين:
تراجعت أعداد المدرسين في سوريا بنسبة تجاوزت 60% بسبب الهجرة، القتل، أو التخلي عن المهنة، في كثير من المناطق، لا يتوفر مدرسين لبعض المواد، هنا يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي كمدرس مساعد، حيث يمكن للادارة تجهيز الدروس وتزويد الطلاب بها لتحميلها على تطبيقات ذكية تعمل دون إنترنت مثل Squirrel AI أو Khanmigo حيث يقوم الذكاء الاصطناعي بـ:
• شرح المحتوى بلغة بسيطة، وتوليد تمارين تفاعلية، وإعادة التوضيح عند الخطأ.
• يُمكن استخدامه في المدارس النائية أو المراكز التعليمية المؤقتة.
ب- عودة الطلاب المتسربين
نحو 40% من الأطفال السوريين لم يدخلوا المدرسة منذ سنوات، خاصة في المناطق المتضررة، الحل:
تصميم المنهاج “كأنه لعبة”، حيث تصمم الأنظمة التعليمية بالذكاء الاصطناعي بواجهات جذابة، شخصيات كرتونية، وألعاب تعليمية:
• يشعر الطالب كأنه “يلعب”، لكنه يتعلم بشكل غير مباشر.
• يُقدّم تحديات يومية، شارات، وتقدماً ملحوظاً، ما يحفّز الطالب ومن حوله على المتابعة.
في قرى ريفية في نيجيريا، أعادت أنظمة الذكاء الاصطناعي آلاف الأطفال إلى الصفوف، لأنهم “استمتعوا بالتعلم”، رغم عدم وجود مدرسين.
كيف يمكن تنفيذ ذلك في سورية؟
• البدء بمبادرات صغيرة: دعم مدارس معينة بـ “أجهزة ذكية” أو هواتف محمولة مجهزة بنماذج ذكاء اصطناعي “هناك أجهزة صينية لا يتجاوز ثمنها 35 دولار”.
• استخدام أدوات مجانية: مثل ChatGPT، Perplexity ، أو Khanmigo يمكن تشغيلها على أجهزة قديمة.
• تدريب بعض المدرسين على استخدام هذه الأدوات ليكونوا مشرفين، وليس مدرسين فقط.
• التعاون مع المنظمات الدولية : UNICEF ، اليونسكو، أو مؤسسات تقنية مثل Alibaba Cloud لدعم تطوير منصات تعليمية باللغة العربية.
فالذكاء الاصطناعي أداة واقعية وحل فعاّل لمشاكل التعليم اليوم لأنه:
• يمكن لمدرس واحد الاشراف على عديد من الصفوف والمواد.
• يمكن للطالب أن يدرس من منزله “اذا توفر له جهاز ذكي”.
• الذكاء الاصطناعي يدرس دون انفعال، ولا ملل، مما يعني حل أمام مصاعب تعليم المتسربين، وصعوبة فهمهم.
• يُعيد إحياء التعليم في مناطق ناقصة المعلمين.
• يجذب الأطفال المتسربين عبر طريقة مسلية ومحفزة.
قد يكون الذكاء الاصطناعي حلاً لانقاذ الاطفال من التسرب… لأنه لا يطلب منه العودة للمدارس، بل يجعل من العلم لعبة مسلية ومحببة تجذب اهتمام الطفل، وقد تنقذ مستقبله.
فهل نعي؟
فيصل العطري