أدب وفن ورياضةالدنيا مثل هذا اليوم
أخر الأخبار

الخطر الذي يهدد الكتاب العربي

الخطر الذي يهدد الكتاب العربي

الخطر الذي يهدد الكتاب العربي – اسكندر لوقا

حاص الدنيا
ثمة ظاهرة يلاحظها المراقب الأدبي في أسلوبنا الجديدة بأن تطرح على بساط البحث والمناقشة. إن هذه الظاهرة هي طغيان الكتب المرجعية بمختلف أنواعها ومستوياتها منها الكتب الأدبية، ومنها الكتب العلمية، ومنها الكتب الرخصة النافعة التي تخاطب السمة الفريزة وتشهرها، وهذا النوع الأخير من الكتب باقي الرواج الساحق، وإن ذلك دلٌّ فاننا يدل على أمر واحد هو تدني ذوق الجمهور وغلبة الفريزة لديه على العقل.

ومرد ذلك طبعاً الى عدة أسباب ولكن الغرض من هذه السطور اليوم ليس البحث في هذه الناحية، إن المقصود منها هو معالجة

“مشكلة” الكتب المترجمة، وهي الظاهرة أو الضرر من الإقبال عليها على الصعيدين الرسمي والخاص.

ما من شك في أن الترجمة عنصر هام من عناصر تكوين الثقافة لدى أبناء الشعب بمعظم مستوياتهم الثقافية، وما من شك في أن إقبال القراء على شراء النوع من الكتب المترجمة دليل أكيد على حب الاستطلاع لديهم والتزود بالمعرفة.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا : هل تحقق الترجمة كل النفع إذا كانت الأمور تجري على أساس «فتح أسواقنا» أمام الكتاب المترجم منها كان نوعه؟، ومهما كان شكله؟، ومهما كان مصدره؟!

في اعتقادي أن القضية تتطلب مزيداً من التريث عندما نجعل المكانة الأولى في مكتبتنا اليوم للكتاب المترجم دون النظر لحماية

الكتاب العربي وتامين رواج الكتاب المحلي.

إن التخطيط في هذا المضمار لقِبَ “سِير” أو “مستر” أو غير ذلك. وكثيراً ما نلاحظ أن هذه الكتب لا تزود قارئنا بأية معرفة تتعلق بالرحلة الحضارية التي تمر بها بلادنا في هذا العصر.

إن الكتب التي تصل إلينا أيدي الخاصة من القراء هي الكتب التي تتعلق بناحية من نواحي المعرفة.

ومهما كانت هذه الكتب غنية بمادتها فهي لا تساعد على بناء معرفة سليمة وشاملة.
ما دام لا تقوم على أساس من المكتبات المدرسية والجامعية. وكلنا يعلم أن جامعاتنا لم تخلق لآية عملية تربوية. وإن معظم كلياتها مازالت تقبض على معلومات خلفها الغرب والشرق مما خلفهما.

وإذ دام التحصيل لا يتم على أسس شاملة. يمهد لها في مراحل الدراسة. فإنه لن يؤدي إلى أي نفع جذري وفعال. وبخاصة حين نعلم أن ما يترجم من كتب الاختصاص إلى اللغة العربية لا يؤلف سوى جزء ضئيل وضئيل جداً من جوانب المعرفة الأدبية والفنية العلمية على السواء.

وأما الكتب التي تصل إلى أيدي العامة من القراء فهي الكتب الروائية والقصصية وكتب الجنس والمغامرات
الأكثرية ومعظمهم يجهون في

ومعظم هؤلاء يتجهون نحو الآثارة وتفريغ العقد النفسية عبر القراءات الجنسية والبوليسية ولسوء الحظ أيضاً فإن معظم الكتب

نفع جذري وفعال وبخاصة تلك المترجمة إلى اللغة العربية والبعيدة عن أي مجال من مجالات الاختصاص تميل إلى تلبية هذا الطلب لدي القارئ المعاصر وقلما ينجو كتاب أدبي رفيع من الكساد في الأسواق أمام مزاحمة أي كتاب رخيص يستجدي غرائز القارئ وميولهم الدنيا.

وبين هذه الكتب كم كتاباً عربياً نجد؟

الجواب واضح في الأسواق.
أما الخطورة الكامنة في رواج مثل هذه الكتب. فهي كامنة في أمور هي:

  • تشجيع الناشرين على متابعة الطريق، طريق الكسب.
  • دفع المؤلف المحلي والعربي، على اتباع الطريقة نفسها عند بناء تركيبه الأدبي، وبالتالي القضاء عليه مسبقاً.
  • إفساد الذوق، وحمله على القراءات السطحية السيئة إلى خلفه.

فمن المسؤول يأتي عن تضخم هذه الحالة؟ المترجم؟ أم الناشر؟ أم القارئ؟

أني اتساءل دائماً، وبيني وبين نفسي، لماذا لا نفترض أن تكون وراء هذه الحالة منظمات صهيونية واستعمارية تقع مؤسسات النشر كما يقع المترجمون والقراء في شراكها؟

أنني، كما أريد أن يفهم، لست ضد الترجمة، والسماح للكتاب المترجم بالدخول إلى أسواقنا، ولكنني ضد الكتاب الذي يفعل في القارئ، فعل المخدر، وضد تعميم الكتاب المترجم الذي لا يقود إلى فتح آفاق جديدة في حقول المعرفة على صعيد الادب/الفن/والعلم وما وعلى حساب ازراء الكتب المحلي وتقلص رغبة التأليف في نفوس استذتنا ومفكرينا.

إن اتباع سياسة التنقيب في استيراد الكتب المترجمة يؤدي إلى ازدهار الكتاب العربي، ولا يشطب حركة التأليف، ولكن المزاحمة ما دامت قائمة، فإن شيئاً من ذلك لن يتحقق.

وأما المسؤولية فانها لن تقع على كتفي، بقدر ما سوف تقع على أكتاف الذين يتمكنون الآن، ودائماً إذا شاؤوا، من إنقاذ الموقف.

فهل من مجيب؟

زر الذهاب إلى الأعلى