الفوسفات السوري: الفرص والتحديات في ظل المنافسة الإقليمية
الفوسفات السوري: الفرص والتحديات في ظل المنافسة الإقليمية

الفوسفات السوري: الفرص والتحديات في ظل المنافسة الإقليمية
خاص الدنيا
الفوسفات أحد الثرورات الطبيعية الهامة التي تملكها سوريا، حيث تتمتع باحتياطي كبير من الفوسفات متعدد الاستخدامات الذي يعتبر الأنسب لصناعة الأسمدة.
لكن الواقع أن وضع الفوسفات السوري لا زال بعيداً عن الاستغلال الأمثل، خاصة مع الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي مرت بها البلاد خلال السنوات الأخيرة.
بالمقابل يأتي قرار تونس زيادة إنتاجها من الفوسفات ليصل إلى 500% ليزيد التحديات التي يواجهها الفوسفات السوري في سياق المنافسة الإقليمية.
احتياطي الفوسفات في سورية:
تُقدر احتياطات سورية من الفوسفات بنحو 1.5 مليار طن، مما يجعلها واحدة من الاحتياطيات الأكبر في منطقة الشرق الأوسط. تتواجد معظم هذه الاحتياطات في منطقة “حمص” و”دير الزور”، ويمتلك هذا الفوسفات خصائص جيدة تجعله مناسباً للإنتاج الزراعي.
ورغم وجود هذه الاحتياطات الكبيرة، إلا أن الاستثمار في هذا القطاع لم يحقق النتائج المرجوة لعدة أسباب أهمها:
تحديات الاستثمار والتطوير:
على الرغم من أهمية الفوسفات كمورد طبيعي، فإن استثمار هذا القطاع واجه العديد من التحديات. من أبرز هذه التحديات:
1- الظروف الأمنية والسياسية:
شهدت سورية خلال السنوات الأخيرة صراعاً داخلياً أثر بشكل كبير على جميع قطاعات الاقتصاد، بما في ذلك الفوسفات.
فقد تم تدمير العديد من المنشآت والمرافق، مما أثر على القدرة على تطوير هذه الصناعة.
2- نقص الاستثمار:
تعرضت سورية لعقوبات اقتصادية دولية ما أثر على دخول الاستثمارات الأجنبية.
وبالتالي، أصبح هناك عجز بالتقنيات الحديثة والمعدات اللازمة لتطوير قطاع الفوسفات وذلك رغم دخول مستثمر أجنبي لاستثمار مكامن الفوسفات السوري إلا أن شعوره بالقلق جعله يرفض الاستثمار بتطوير هذه المكامن ومحاولة استثمارها بوضعها الران.
3- البنية التحتية الضعيفة:
تحتاج عمليات استخراج الفوسفات ومعالجته إلى بنية تحتية قوية، بما في ذلك شبكات النقل والصناعات الداعمة.
وقد أدت الحرب إلى تدمير العديد من هذه الشبكات، مما جعل من الصعب تصدير الفوسفات إلى الأسواق العالمية.
4- عدم وجود استراتيجيات تنظيمية واضحة:
تفتقر سوريا إلى استراتيجيات تنظيمية واضحة لدعم صناعة الفوسفات.
وبسبب الظروف الحالية، لا توجد رؤية شاملة للتطوير المستدام لهذا المورد.
المنافسة مع الدول العربية:
المغرب، تونس، الأردن، مصر، سوريا، لبنان والامارات العربية كلها دول منتجة للفوسفات مرتبة حسب حسب قوتها بالانتهاج، تونس واحدة من أكبر منتجي الفوسفات في العالم وقد اتخذت مؤخراً خطوات جادة لزيادة إنتاجها، مستفيدة من موقعها الجغرافي القريب من الأسواق الأوروبية.
إن هذا النجاح التونسي في زيادة الإنتاج يمثل تحدياً حقيقياً للفوسفات السوري، حيث يمكن لتونس أن تسيطر على السوق الأوروبية والعالمية بفضل الجودة العالية لإنتاجها.
ولا يقتصر التحدي على الإنتاج فقط، بل يتضمن أيضاً التسويق والمبيعات، حيث يمكن لتونس استخدام تكاليف النقل المنخفضة والموقع الجغرافي الاستراتيجي لتوزيع منتجاتها إلى الأسواق بشكل أسرع، ولعل ألهم هو العلاقات الطبية مع الاتحاد الأوربي.
وبذلك، فإن سورية تحتاج إلى تطوير استراتيجيات فعالة لمواجهة هذه المنافسة وتعزيز مكانتها في السوق.
الإمكانيات والتوجهات المستقبلية:
رغم هذه التحديات، يظل هناك إمكانيات كبيرة لاستثمار الفوسفات السوري إذا تم التعامل مع الوضع بشكل استراتيجي.
أدناه أهم الخطوات التي تساعد بتحسين واقع استثمار هذه الثروة:
أ- إعادة إعمار البنية التحتية:
يجب التركيز على إعادة إعمار البنية التحتية في المناطق الغنية بالفوسفات، مما سيمكن من تسريع عمليات الاستخراج والتصدير.
ب- جذب الاستثمارات الأجنبية:
يجب العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال تقديم حوافز وتعزيز البيئة الاستثمارية حيث يمكن للقطاع الخاص أن يلعب دوراً كبيراً في تطوير هذه الصناعة.
حيث يفضل التعاقد بنظام BOT بحيث تدخل الحكومة كشريك وتترك الادارة للمستثمر بعد وضع الضوابط اللازمة للحفاظ على هذه الثروة كاشتراط استجلاب التقنيات الحديثة في عمليات الاستخراج والمعالجة لزيادة الكفاءة وتقليل التكاليف، وضرورة اتباع استراتيجيات تسويقية فعالة للترويج للفوسفات السوري في الأسواق العالمية من خلال التركيز على الجودة والسعر التنافسي.
كمحصلة يعتبر الفوسفات السوري أحد ثرواتنا الطبيعية التي تتآكل بفعل الجهل والفساد والاهمال.
فيصل العطري