النجاح أسير الصراع بين الرغبة والهواجس
النجاح أسير الصراع بين الرغبة والهواجس

النجاح أسير الصراع بين الرغبة والهواجس
قبل أيام قرأت عبارة تقول:
(عندما تتعارض الرغبات والخيال فإن الأخير يكسب دوماً.)
كررت القراءة محاولاً فهمها فوصلت لخلاصة أردت مشاركتكم بها لأنها أدهشتني ببساطتها وغفلتي عنها:
عندما تتعارض الرغبات والخيال فإن الأخير يكسب دوماً.
ما معنى هذا؟
لو طلب من أحدنا السير على لوح طويل من الخشب موضوع على الأرض لاشك أنه سيفعل دون أي مشكلة تذكر بينما لو علقنا هذا اللوح على ارتفاع شاهق وطلبنا من نفس الشخص أن يفعل لا شك أنه سيتردد وغالباً سيفشل كما أن معظمنا لن يتمكن!!
لماذا رغم أنه اللوح نفسه؟!!!
ما الفرق بين الحالتين؟!!!
يتحكم بأفعال البشر عاملين رئيسيين هما:
الرغبة و الهواجس.
الرغبة: هي إرادة الإنسان التي تدفعه للفعل والعمل.
الهواجس: هو مجموعة من المخاوف التي يتوقعها ويتخيلها اللاوعي من التراكمات والتجارب الحياتية والتي تشكل ردات الفعل والمخاوف من اقتراف الأخطاء والحذر الذي يدفع الإنسان لحماية نفسه وحياته.
في مثالنا السابق لا يمثل السير على لوح خشبي عريض موضوع على الأرض أي مخاطرة بينما يمثل السير عليه وهو مثبت على ارتفاع شاهق مغامرة رغم أن الاختلاف الفيزيائي لا يذكر ولكن هواجس العقل ومخاوفه تتحرك لحماية حياته وتشكل هنا القطة التي تأكل أولادها لحمايتهم!!
المثير بالموضوع أن هذه المخاوف كثيراً ما تكون السبب بهزائمنا ونكباتنا فمثلاً الغزال أسرع من الأسد ولكنه يركض خائفاً أسير هواجسه وهلعه فينظر للخلف مراراً ويسيطر عليه الخوف من الوقوع بمخالب الأسد مما يعيق حركته ويبطئ سرعته ويوقعه بأخر المطاف فريسة مخاوفه أولاً.
يتحكم اللاوعي بنسبة كبيرة من تصرفاتنا اليومية، عن نفسي لا أحكم على أي إنسان من خلال تصرفاته وأفعاله التي يحاول التأنق بها بل أحكم عليه خلال ردود أفعاله لأنها خلاصة تجاربه دون تزيين.
خلاصة1: (رد فعل الإنسان هو الذي يعبر عن حقيقته).
لذا إن أردنا معرفة حقيقة شخص علينا أن نبحث بتصرفاته بلحظات سعادته و غضبه وباقي أفعاله المفاجئة التي تخضع للعقل الباطن بعيداً عن باقي حياته الرتيبة وتصرفاته الاعتيادية التي يسيطر عليها عقله الواعي.
لو نظرنا لمعظم الأثرياء الجدد سنجد أن معظمهم نشأ من لا شيئ لأنه لا يملك ما يخشى عليه بينما تجد أخرون أكثر ذكاءً وقدرةً للوصول ولكنهم بقوا أسرى الخوف من الفشل والخوف على خسارة ما يملكونه.
لو دققنا النظر بشخصيتين الأولى شخصية قوية خلقت قوية وبين شخصية دفعها صاحبها للتظاهر بالقوة لوجدنا هشاشة الثانية مقارنة بالأولى ذلك أنه لا يجوز إكراه العقل على فعلٍ ما لأن العقل جهاز حساس للغاية يجب أن يُعامل بحذر شديد فإن من يضغط على ذاكرته ويتهمها بالضعف يصعق حين يجد أن حالته تزاد سوأً بينما نجد أخر أخذ الأمر ببساطة وتعامل مع ذاكرته برفق فلجأ للتدوين وأحسن الظن بذاكرته قد لمس تحسناً ملحوظاً بعد فترة وجيزة.
خلاصة2: (لا تحاول أن تجبر نفسك على فكرة تخشاها بل إلجأ لتحفيز عقلك الباطن ليفعل فالعقل لا يعمل بشكل سليم بالإكراه أو الضغط).
لتحقيق النجاح فكر بالنجاح والنجاح فقط واستنبط الطرق لتحقيقه ولا تبالغ بالتفكير بالفشل بل فند اسوأ احتمالاته وتعامل معها بحذر ولكن دون خوف ولا تسمح لعقلك بإغراقك بالمخاوف والهواجس لأنك بهذا فقط تحقق الانسجام بين رغباتك وهواجسك فيتحولان لقوة واحدة تدفعك للإمام ، بدون هذا ستعيش اسير الصراع بين رغباتك وهواجسك كل منها يدفعك باتجاه مختلف عن هدفك.
فيصل العطري
في دمشق 27-1-2013