اقتصاد وتكنولوجيااخبار الدنيا

ثورة في عالم الاتصالات - الصين تطلق أول شريحة 6G

ثورة في عالم الاتصالات - الصين تطلق أول شريحة 6G

ثورة في عالم الاتصالات – الصين تطلق أول شريحة 6G

خاص الدنيا – مترجم من عدة مصادر
كشف باحثون صينيون عن أول شريحة اتصالات مخصصة للجيل السادس 6G على مستوى العالم، هذه الشريحة تملك بقدرة نقل تفوق 100 غيغابت في الثانية مما يجعل هذا الإنجاز قفزة واسعة نحو عالم من الاتصال الفوري، تسمح بتحميل آلاف الأفلام بدقة 8K بلمح البصر.

الشريحة الجديدة، التي تم تطويرها بعد أربع سنوات من البحث المكثف بين فريق من جامعة بكين للتكنولوجيا وآخر من جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا، تمكنت من تجاوز عقبات كبيرة واجهت مهندسي الاتصالات لسنوات، والانجاز هنا ليس فقط السرعة الهائلة، بل الحجم الصغير جداً، الذي لا يزيد عن 11مم*1.7مم .

شريحة واحدة تغطي كل الترددات من الجبال إلى وسط المدينة

من أبرز التحديات في شبكات الجيل الجديد هي الموازنة بين السرعة ومساحة التغطية. فالترددات العالية تقدم سرعات خيالية، لكنها لا تنتقل لمسافات طويلة، وتُعاني من الانعكاس أمام العوائق كالجدران و حتى المطر.
أما الترددات المنخفضة، فهي قادرة على قطع مسافات طويلة وتغطية مناطق واسعة، لكن قدرتها محدودة على حمل البيانات الضخمة.

الشريحة الصينية الجديدة حلت هذه المشكلة، فهي قادرة على العمل ضمن نطاق ترددي واسع يمتد من 0.5- 115 غيغاهرتز، ما يتيح لها تغطية كلا النوعين: المنخفضة للوصول إلى القرى النائية والمناطق الجبلية التي تحتاج مساحات واسعة ولا تحتاج نقل بيانات ضخمة، والترددات العالية لتلبية احتياجات المدن الذكية والتطبيقات الثقيلة مثل الجراحة عن بعد أو الواقع الافتراضي.

و الأهم أنها لا تعمل على تردد واحد، بل تنتقل بين الترددات بشكل ديناميكي حسب الحاجة، تخيل أن تسافر من وسط شنغهاي إلى قرية في سيتشوان، فتبدأ الشريحة بالاستفادة من الترددات العالية في المدينة، ثم تتحول تلقائياً إلى الترددات الأقل عندما تضعف الإشارة، كل هذا يحدث في جزء من الثانية، دون أن تشعر بأي انقطاع.

سر السرعة معالجة الضوء بدل الكهرباء

ويبقى السؤال كيف حققت هذه الشريحة هذه السرعة دون أن ترتفع حرارتها لدرجة العطب، أو تستهلك طاقة كهربائية هائلة؟
كال الحل بتقنية مبتكرة دعيت “الدمج الفوتوني-الإلكتروني”.

إذ بدلاً من التعامل مع الإشارات اللاسلكية بالدوائر الإلكترونية التقليدية، تقوم الشريحة بتحويل الإشارة عند الاستقبال إلى إشارة ضوئية عن طريق “معدل كهروضوئي”، ثم تعالج هذه الإشارة باستخدام دوائر تعتمد على الفوتونات “الضوء وليس الإلكترونات”، هذه أتاحت سرعات أكبر بكثير بسبب سرعة الضوء بحرارة أقل واستهلاك طاقة قليل.
عند الإرسال، تستخدم الشريحة نظاماً ذكياً من شعاعي ليزر يتم دمج تردديهما و يحول الشعاع الناتج لإشارة راديوية قوية عبر “محول ضوئي-كهربائي”، تنطلق في الهواء.

هذا المزج هو ما يجعل الشريحة قادرة على التعامل مع ترددات فائقة فوق 100غيغاهرتز بسلاسة، وهو أمر عجزت الشرائح الإلكترونية التقليدية عن تحقيقه.

اتصال ذكي يتجنب التشويش تلقائياً

هناك المزيد، فقد زوّد الباحثون النظام بخاصية فريدة،  تخيل أنك تسير على طريق وتقابل ازدحاماً، فتختار طريقاً بديلاً!!، الشريحة تفعل نفس الشيئ مع الترددات:
إذا اكتشفت أن القناة التي تعمل عليها تعاني من تشويش أو تداخل لأي سبب، فإنها تقفز فوراً إلى قناة أفضل، دون تأخير يُذكر.

مما يؤمن اتصالاً أكثر استقراراً، وهو أمر بالغ الأهمية لتطبيقات مثل الطائرات المسيرة، أو السيارات ذاتية القيادة، أو الروبوتات الجراحية، حيث لا يمكن قبول أي تأخير أو فقد بالإشارة.

بينت الاختبارات أن الشريحة قادرة على نقل بيانات تصل إلى 100 غيغابت في الثانية، وهي سرعة تكفي لبث أكثر من 1000 فيديو بدقة 8K في نفس اللحظة، هذا يعادل تحميل مكتبة كاملة من الأفلام في جزء من الثانية.

كيف ستصل إلى هواتفنا؟

رغم أن التوقعات أن لا تصبح هذه التقنية جاهزة للاستخدام التجاري قبل عام 2030، إلا أن مراكز البحث تعمل على تسريع وتيرة العمل، لتحويل هذه الشريحة مع ملحقاتها إلى وحدة صغيرة جاهزة للاستخدام، بحجم لا يتجاوز ذاكرة USB، يمكن توصيلها بأي جهاز تقريباً.

تخيل أنك تشتري جهازاً صغيراً جداً وتدخله في هاتفك، فيصبح الهاتف يدعم شبكة 6G، أو تضيف هذه الشريحة للطائرة المسيرة أو أجهزة الاستشعار في المزارع، والكاميرات الذكية، كلها ستتصل بالشبكة بسرعة فائقة وبتكلفة منخفضة.

هذه الوحدات ستُستخدم بكل شيء: الهواتف الذكية، محطات الاتصالات، السيارات الذكية… وهذا سيحول تقنية 6G لجزء أساسي في حياتنا، ويجعلها متاحة في كل ركن في العالم.

ما الذي يعنيه هذا للعالم؟

الصين ليست الوحيدة التي تعمل على تطوير تقنيات 6G، لكنها سبقت الجميع، فبينما لازالت الولايات المتحدة وأوروبا ينفقون مليارات الدولارات على أبحاث 6G، قدمت الصين نتائج ملموسة وسريعة.

بالمقابل، لا تزال هناك تحديات يجب حسمها، مثل:

  • توحيد المعايير العالمية للشبكة (لا تزال منظمة  3GPP تضع المواصفات).
  • استهلاك الطاقة الفعلي في الاستخدام اليومي.
  • الأمن السيبراني في شبكات فائقة السرعة.
  • المخاوف الأمريكية من هيمنة تقنية صينية على الاتصالات العالمية.

الصين لم تُعلن فقط عن شريحة جديدة، بل أعلنت عن بداية عصر جديد.

فيصل العطري

 

زر الذهاب إلى الأعلى