ملخص كتاب صناعة الموافقة نعوم تشومسكي و إدوارد هيرمان
ملخص كتاب صناعة الموافقة نعوم تشومسكي و إدوارد هيرمان

ملخص كتاب صناعة الموافقة نعوم تشومسكي و إدوارد هيرمان
خاص الدنيا
في عالم يبدو فيه الإعلام نافذتنا الوحيدة على الواقع، يطرح كتاب “صناعة الموافقة” تساؤلاً جريئاً ومزعجاً:
هل ما نراه في الأخبار هو انعكاس حقيقي للأحداث؟
أم أنه تُركب صورته من قبل أيادٍ خفية لتخدم أهدافاً معينة؟
الكتاب من تأليف الفيلسوف واللغوي الأمريكي نعوم تشومسكي، المعروف بنقده اللاذع للسياسات الأمريكية، بالتعاون مع الباحث إدوارد هيرمان.
يقدمان فيه نظرية شديدة التأثير عن الدور الحقيقي الذي تلعبه وسائل الإعلام في الديمقراطيات الغربية، خاصة الأمريكية منها.
الفكرة الأساسية في الكتاب هي أن الإعلام ليس مجرد ناقل للأحداث كما يعتقد الكثيرون، بل هو أداة قوية تستخدم لـ “تصنيع الموافقة”، أي تشكيل آراء الناس وتوجيهها بطريقة غير مباشرة، بحيث يبدو أن الرأي العام قد اتفق طواعيةً مع سياسات أو قرارات تخدم النخب الحاكمة، بينما الحقيقة أنها تم فرضها بطرق ذكية وخفية.
كيف يتم “تصنيع الموافقة”؟
يشير المؤلفان إلى وجود نموذج يحكم عمل الإعلام الكبير، ويسميانه “نموذج الصناعات الخمس“، وهو يوضح كيف تعمل وسائل الإعلام تحت ضغوط معينة توجه محتواها بعيداً عن الموضوعية.
هذه الضغوط تشمل:
- هيمنة الشركات الكبرى: اليوم، أصبحت معظم وسائل الإعلام العالمية بيد عدد قليل جداً من الشركات العملاقة، وهذه الشركات مرتبطة بمصالح اقتصادية وسياسية كبيرة، مما يجعل استقلاليتها مشكوك فيها.
- التمويل بالإعلانات: معظم وسائل الإعلام تعتمد على الإعلانات كمصدر دخل رئيسي.
هذا يعني أن الاهتمام يكون غالباً بما يرضي المعلنين وليس الجمهور، وبالتالي تُتجاهل القضايا التي قد تزعج الشركات الكبرى. - الاعتماد على المصادر الرسمية: وسائل الإعلام كثيراً ما تلجأ إلى تصريحات الحكومات أو الخبراء المرتبطين بالنظام، لأنها سهلة الوصول وتعطي الشرعية، بينما تتجاهل الآراء المعارضة أو المستقلة.
- التشويش على النقاد: كل من يحاول التشكيك في الرواية الرسمية يتعرض لحملات تشويه، أو يُتهم بأن له أجندات متطرفة أو معادية، مما يضعف مصداقيته أمام الجمهور.
- الإطار اللغوي والتغطية الجزئية: كيف تُكتب الأخبار مهم جداً.
استخدام كلمات مثل “إرهابي” أو “مقاتل”، أو التركيز على بعض الجوانب دون غيرها، يؤثر بشكل كبير على كيفية فهم الناس للأحداث.
أمثلة حقيقية من الكتاب:
- عندما يتعلق الأمر بأحداث تدين الولايات المتحدة أو حلفاءها الغربيين، فإن الإعلام إما يتجاهلها تماماً، أو يتناولها بسطحية.
أما الأخطاء المشابهة التي تحدث في دول أخرى، فتُضخم وتُستخدم كذريعة للتدخل أو التنديد. - مثال آخر: عندما يُقتل مواطن أمريكي في الخارج، تكون هناك تغطية إعلامية واسعة وعاطفية، لكن عندما يموت آلاف المدنيين في بلد يخضع لضربات جوية غربية، فإن التغطية تكون أقل بكثير، أو تُبرَّر ضمن إطار “الضرر الجانبي”.
ماذا يعني ذلك لنا كجمهور؟
تشومسكي وهيرمان لا يقولان إن الإعلام يكذب دائماً، بل يقولان إنه يختار بعناية ما يقوله وما يصمت عنه.
وهذا النوع من التلاعب أخطر من الكذب المباشر، لأنه يخلق واقعاً ظاهرياً يبدو منطقياً ومعقولاً، لكنه في الحقيقة ناقص ومُعدّل.
ويضيف تشومسكي أن هذه اللعبة ليست جديدة، لكن الجديد هو أننا اليوم نعيش في عصر يوحي لنا بأننا أكثر حرية، وأن المعلومات في متناول الجميع، بينما الواقع يقول إننا ربما كنا أكثر انخداعاً من أي وقت مضى.
خلاصة الكتاب:
كتاب “صناعة الموافقة” هو نقد عميق للعلاقة بين الإعلام والسلطة. هو دعوة للقراء ليكونوا أكثر شكّاً وتحرّياً في ما يسمعونه، وللتفكير فيما وراء العنوان وفيمن يقف خلف الخبر.
يذكرنا الكتاب أن الحقيقة الكاملة ليست دائماً في ما يُقال، بل في ما يُسكَت عنه.
فإذا كنت تعتقد أنك حر في اختيار أفكارك، فربما حان الوقت لتتساءل:
هل اختارتك هذه الأفكار؟
أم أنها زُرعت فيك بذكاء عبر لعبة إعلامية طويلة الأمد؟