
لَيسَ الغبيُّ بِسَيدٍ في قَومِهِ لَكِن سَيِّدُ قَومِهِ المُتَغابي

خاص الدنيا
بكلمات قليلة يرسم شاعرنا القدير ” أبو تمام ” خارطة الطريق نحو حياة مع الناس أجمل وأفضل وأنبل وأمثل .
فكم هي كثيرة الأمور والمواقف والإشكالات التي نواجه ونصادف سواء في حياتنا الإجتماعية والتواصلية ، أو حتى مع الحلقة الأولى المقربة إلينا . والتي نضطر معها للتغابي خياراً ، والتجاهل قراراً ، ومن ثم التظاهر في عدم معرفة الحقائق ، وإدراك المعطيات والحيثيات ، واكتناه الخلفيات .
.
قد يقع ذلك حيناً في خانة حفظ الإعتبارات والكرامات .. فإن أفضل أنواع المروءة في استبقاء ماء الوجه .. وقد يكون ذلك خياراً حكيماً ونهجاً ذكياً من باب اللياقات والمهارات والدبلوماسيات .. وقد يأتي التغاضي والتغابي ضمن سياق نهج تكتيكي متوسط أو بعيد المدى يستوجب الترقب والكمون ومنح الفرص لحين الوقت المناسب، حيث المواجهة وكشف الحساب . إذ يضحكُ كثيراً من يضحكُ أخيراً . والعبرة في النتائج ،على حد رأي الإمام علي كرم الله وجهه ..
.
فإن أغبى الأغبياء هو من يستغبي الآخرين …
فيما هو أذكى الأذكياء من يأخذ في حساباته ذكاء الآخرين وممكناتهم …
يغيب عن حسابات بعض البعض أن الأذكياء والمحنكين يستطيعون التغابي والتغاضي حد الإتقان والتظاهر بالغباء .. وفي ذلك حكمة وحنكة ودراية ..
ولعل قمة الذكاء إنما تكمن في القدرة على إدعاء الغباء في حينه ..
غير أن المفارقة تكمن في عجز الأغبياء عن التذاكي . وفي ذلك مقتل الأغبياء وانكشاف أمرهم ..
غني عن البيان أن التغابي والتغاضي والتجاهل والترفع فن وسلوك لايتقنه إلا من لهم في الحياة حكمة وخبرة ، وفي معشر الناس حنكة ودراية .. وأحسب أن حاجتنا ماسة وملحة لهذا الخيار أسلوباً وفناً وتكتيكاً في كل مستويات حياتنا ومساربها وأقانيمها ..
سامر العطري