موكشين أمباني رجل سحق الذين سخروا منه
موكشين أمباني رجل سحق الذين سخروا منه

موكشين أمباني رجل سحق الذين سخروا منه
خاص الدنيا
كنت حين اقرأ اسم أمباني أشعر باستغراب؟ من هو وكيف ظهر؟
إلى أن اطلعت على هذه القصة الشهيرة عنه، فبحثت وقرأت عنه، فأذهلني:
سخر منه الجميع، فسحقهم خلال ستة أشهر!!،
كانت البداية في سوق الذي كان يحتاج إلى ثورة، تخيلوا الهند عام 2016 بلدٌ يضم أكثر من مليار إنسان يدفع الانسان أسعاراً خيالية مقابل إنترنت بطيء، ومكالمات تُقطع كل دقيقتين، وشبكة تنهار إن حاولت مشاهدة فيديو على يوتيوب، باختصار كان سوق الاتصالات فوضى عارمة:
شركات كسولة، خدمات رديئة، وأسعار تنهب جيوب الناس.
هنا ظهر موكيش أمباني ليقلب الطاولة، ثروته: بالمليارات، لكن عقله شعلة من نور، فقد قام بإنفاق 25 مليار دولار لبناء أكبر شبكة 4G في تاريخ الهند، دون أن يرفع الأسعار، أو يطلق حملة تسويقية مبهرة، دون أن يفاخر بسرعات الإنترنت، بل أعلن ببساطة:
من اليوم لمدة أربعة أشهر كل شيء مجاني.
بيانات غير محدودة (حتى 4 جيجا يومياً)، مكالمات مجانية… إلى الأبد، الرسائل النصية… مجاناً، بدون رسوم تجوال.
ضحك المنافسون… ثم بكوا، ظنوا في البداية، أنه مجنون، تساءلوا: كيف سيعوّض 25 مليار؟!!|
ظنوا أنه مجرد عرض ترويجي سيختفي بعد شهرين، لكن الطوابير… امتدّت كيلومترات أمام متاجر “جيو” ,اصبح الناس ينتظرون ساعات ليحصلوا على شريحة، حصل في أول شهر: 16 مليون مشترك جديد، رقمٌ غير مسبوق في تاريخ الاتصالات العالمية.
لم يكن السرّ في “المجانية”… بل بما خلفها، أمباني لم يكن يوزّع هدايا بل كان يبني إمبراطورية، فبينما كان المنافسون يضحكون، كان يبني: شبكة ألياف بصرية تغطي 18,000 مدينة وبنية تحتية تصل إلى 200الف قرية، مراكز بيانات، أبراج اتصالات، كابلات بحرية… كل شيء.
لم يكن يبيع “خدمة اتصالات”، كان يبيع تجربة رقمية كاملة.
حتى استيقظ المنافسون على كابوس، عملاؤهم يهربون… بأعداد مهولة، أسهمهم تتهاوى… بمليارات الدولارات، فبدأوا يرتكبون أخطاءً يائسة: رفضوا توصيل شبكاتهم بـ “جيو”.
شنّوا حملات تشويه إعلامية.
قدّموا شكاوى، ادّعوا أن “جيو تدمّر قطاع الاتصالات”.
بعد 3 أشهر فقط… تغيّر السوق إلى الأبد، 50 مليون مشترك لـ جيو، وخسارة 23 مليار دولار من قيمة المنافسين، بدأت بعض الشركات تلفظ أنفاسها الأخيرة، لكن أمباني، لم يكن قد بدأ بعد، فبعد انتهاء “الفترة المجانية”… جاءت الضربة القاضية:
لم يرفع الأسعار كما توقع الجميع، بل خفّضها.
غيغابايت واحد… بـ 50 روبية فقط (أقل من دولار)، باقات مكالمات، أرخص من ساندويش بسيط!
انحنى قطاع الاتصالات مجبراً ومن لم يفعل اختفى..
اندمجت شركات، وافلست أخرى، وبيعت غيرها، تقلص عدد مزودي الخدمة من 10ليصبح 4 مزودين فقط في بلد بمساحة وتعداد سكان الهند!! وأصبح أمباني وحده يسيطر على 40% من سوق الاتصالات في الهند، لأنه لم يفكر بالاحتكار ولم يفكر كبائع أو مشغّل اتصالات، بل فكر كرائد أعمال يتطلع لتغيير حياة مليار إنسان:
يتسوّقون: عبر منصات جيو.
يتعلمون: محتوى تعليمي مجاني.
يدفعون: محفظة جيو الرقمية.
يشاهدون: منصة جيو السينمائية.
يعتنون بصحتهم: استشارات طبية رقمية.
كانت الاتصالات مجرد بوابة، بينما كان الهدف بناء نظام بيئي رقمي كامل يربط كل جوانب الحياة.
العبرة التي لم يفهمها البعض: أن عبقرية “جيو” لم تكن في الأسعار ولا المجانية، ولا حتى في البنية التحتية الضخمة، بل في شيء أعمق:
بناء الثقة، فبينما كان المنافسون ينفقون الملايين على الإعلانات، ترك أمباني تجربة المستخدم تتحدث نيابة عنه:
شبكة لا تتعطل، سرعة لا تُضاهى، أسعار لا تُصدّق.
هذا دفع الزبائن للولاء لـ “جيو”، وهذا ما صنع الإمبراطورية.
والآن… ماذا عنك؟
أكيد أنت لا تملك 25 مليار دولار، ولا شبكة ألياف بصرية، ولا إمبراطورية، لكن، قد تملك الموهبة، ولا ينقصك سوى أن تبدأ:يمكنك، وأنت في مكانك، أن تقدم خدمتك باخلاص ومحبة، باتقان، بابتسامة صادقة، فتكسب ثقة من حولك، وتؤسس إمبراطوريتك الصغيرة.
خدمة مخلصة وأداء صادق، لا يستهدف البيع، بل الفائدة.
خبرة حقيقية، لا تُبهر، بل تُقنع.
علاقات اجتماعية طيبة، لا تُحسب، بل تُبنى.
عندما يثق بك الناس تُفتح لك كل أبواب النجاح:
المبيعات… تصبح أسهل.
التوظيف… يصبح أسرع.
الاستثمار… يصبح مضموناً.
التوسع… يصبح طبيعياً.
ليس من الضروري أن يكون اسمك أمباني، ولا أن تملك ثروته، فالثورة الاقتصادية لا تبدأ دائماً بمالٍ ضخم، بل برؤية واضحة، وثقة عميقة، وجرأة على التغيير.
جيو لم تربح السوق، بل أعادت تعريفه.
وأنت أيضاً، يمكنك أن تفعل ذلك في مجالك.
ابدأ صغيراً.
فكّر كبيراً.
ابنِ ثقة، ثم شاهد العالم يركض نحوك.
لا تنتظر أن يراك الناس، اجعلهم لا يستطيعون تجاهلك.
فيصل العطري
هامش: قصة موكيش أمباني وإطلاق شبكة جيو (Jio) في الهند صحيحة مشهورة جداً وقد تناولتها صحف عديدة مثل: The Economist التي نشرت مقالاً سنة 2017 بعنوان “Jio: India’s telecoms revolution” وصفت كيف غيّرت جيو السوق، و Financial Times: كتبت عن حرب الأسعار التي أشعلها أمباني وكيف تسببت بانهيار شركات عملاقة.
تفاصيل قصة صعود موكيش أمباني تجدونها في كتاب صادر عن هارفرد بزنيس ريفو وهو بعنوان The Jio Revolution: Disrupting India’s Telecom Sector