ندوة برحاب المتحف الوطني بدمشق لتعزيز التشاركية لادارة مخاطر التراث وحمايته
ندوة برحاب المتحف الوطني بدمشق لتعزيز التشاركية لادارة مخاطر التراث وحمايته

ندوة برحاب المتحف الوطني بدمشق لتعزيز التشاركية لادارة مخاطر التراث وحمايته
حوار: المهندسة هناء صالح

برعاية المديرية العامة للاثار والمتاحف ومشاركة منظمة ايكوموس سورية وجمعية سوريون من أجل التراث العمراني أقيمت الفعالية العلمية الأولى ضمن ندوة تحت عنوان (تعزيز التشاركية لادارة مخاطر التراث وحمايته) بحضور مختصين بمجال التراث والآثار إضافة للمهتمين بالحفاظ على التراث وذلك في المتحف الوطني ضمن القاعة الشامية .
قدم المهندس “خالد محمد الفحام” رئيس مجلس إدارة جمعية سوريون من اجل التراث العمراني عرض يتضمن ستة محاور لرؤية الجمعية بمبدا تعزيز التشاركية لادارة مخاطر التراث وحمايته مع عرض لوحات التقديم على حلقات للحوار والنقاش حولها، حيث تعتبر جمعية سوريون من اجل التراث العمراني اول منظمة غير حكومية من المجتمع المدني السوري تم إشهارها خارج قانون الجمعيات لعام 1958م لتكون بسوية تنظيمية تُقارب السوية التنظيمية للمنظمات الاقليمية والعربية .
وقد تحدث المهندس خالد الفحام وهو استشاري بالعمارة والتخطيط العمراني عن أهمية الندوة لحماية التراث الطبيعي الذي هو أساس نشوء الحضارات من أنهار وأراضي زراعية وغيرها التي دعمت تطوير العمران والاستدامة لمئات السنين واليوم نجد التراث الثقافي السوري يواجه تحديات كبرى غير مسبوقة من التهديدات والمخاطر والفقدان الهائل وتحدث عن ضرورة تكوين نظرة واسعة لإنشاء مقاربة تاريخية للتحديات الموجودة للوقوف بشكل ثابت يتناسب مع الاستراتيجيات التي تخضع لها المنطقة التي تستهدف المحور الثقافي حيث أن الاستهداف الفكري والحروب الفكرية تجعل الإنسان يدمر نفسه.
حتى بعد رحيل الاستعمار أصبحنا نتعامل مع تراثنا بثقافة لاتشبهنا بعيداً عن ثقافة الاستدامة ففضّلنا ثقافة التجارة والربح والاقتصاد على المكوّن الثقافي الذي يعبّر عن تميزنا وأصالتنا واستدامتنا بين الحضارات الأخرى، وبدون وعي لايمكن تحقيق ذلك.
يجب رفض الحداثة المستوردة المفروضة علينا التي تخرّب النظم العمرانية، وإذا أردنا تلك الحداثة علينا أن نصنعها بنفسنا دون القبول بالحداثة المفروضة علينا.
للأسف نلاحظ هجرة المدن القديمة التي يحلم بها الغرب لما تحوي من طبيعة بمركزها فهي قصور تجد فيها الأشجار والمياه العذبة ( نافورة، بحرة، حمامات، منهل ….الخ ) وكل ذلك تراث زهدنا به فهاجر.
كما دعا المهندس خالد الفحام لوجود مركز لإدارة التشاركية لإنقاذ التراث كما هو الحال بالغرب حيث تم سابقا عرقلة تلك التشاركية لإنقاذ تراثنا.
كما أكد على أن التراث هوية مكانية على مستوى الإقليم والوطن والمشاركة برسم السياسات الوطنية للتخطيط الإقليمي والمكاني نوع من الحفاظ على التراث ويجب المطالبة بأن يكون للتراث المكاني دور بالتنمية المكانية، فدمشق تختلف عن حلب والسويداء ودرعا وغيرها من المحافظات السورية.
هناك قلق حقيقي على التراث، يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار ويعطى الاهتمام اللازم لجعل الهوية المكانية جزء من التراث والهوية السورية المتنوعة.
فالتقسيم الذي فرضته سايكس بيكو لاينطبق على التراث الذي لاحدود له، لذا يجب تجاوز الطائفية والنزاعات والسياسات لأن للتراث امتدادات في الأردن وفلسطين ولبنان وتركيا ولايمكن إحياء التراث دون رفده بالاقتصاد الأساسي والسياحي والتراثي الذي يضيف التميز العالمي لنكون على خارطة التراث عالمياً، فسوريا بلاد الأمن والاستقرار لايجوز أن يكون فيها صراعات وحروب، بل تماسك وقوة وانتماء ومواطنة وأصالة .
من بين المشاركين بالندوة الباحثة: “هلا قصقص” وهي باحثة بتاريخ الفن الإسلامي جامعة فكتوريا اختصاص الفن والعمارة الاسلامية.
تناولت السيدة “هلا قصقص” بمحاضرتها خيال الظل وضرورة حفظه وحفظ النصوص مع الدمى فهي تراث مادي يتجسد بالدمى ولامادي يتجسد بالنصوص ويجب فهم الشقين معا بقراءة النصوص وربطها مع الدمى.
عن دور المغترب السوري بنشر تراث بلده قالت السيدة “قصقص” أنها من خلال المسؤول عنها وهو مستشرق بريطاني مهتم بتراث بلاد الشام، و كونها ابنة دمشق كانت تختار مواضيع لها علاقة ببلدها وتركز على خيال الظل الذي يحتاج للهجة عامية حيث فهمت النصوص وحللتها إضافة لتجسيد الأزياء التي يرتديها شخصيتي كركوز وعواظ .
وكان من الحضور كان المهندس “عبد العظيم العجيلي” اختصاص عمارة وتنظيم مدن من الرقة حيث أكد على أن التراث قضية نابعة من داخلنا، فهو جزء من هويتنا وبإهماله نفقد ذاتنا و المجتمع بأكمله معني بذلك، ويجب الارتقاء بالمشاركة للانطلاق من الوعي الجمعي للمجتمع، التراث مهم ولايقتصر على المختصين فحسب، كما يجب دمج الأجيال وإشراكهم بالتراث للحفاظ على هويتنا، وهنا يأتي دور الجمعيات والمجتمع المدني بنشر الوعي التراثي للحفاظ على هويتنا وتراثنا ووجودنا .
المهندس المعماري “أحمد حسن قويدر” تحدث عن تجربة عمله بدمشق القديمة بترميم مباني تاريخية وتأسيس الوحدة الاستشارية للمدينة القديمة التي تهدف لإعطاء مشورة فنية مجانية للسكان ومنح قروض بتحقيق شروط خاصة، لكن البرنامج صادف بعض الثغرات.
ومع اندلاع الثورة قامت السلطة باستخاذ إجراءات إدارية منعت تنفيذ البرنامج، فلم تبصر تلك المشاريع النور باستثناء بعض الحالات بمنطقة ساروجة التي مُنحت قروض بلا فوائد.
يرى المهندس “قويدر” أنه للحفاظ على التراث لابد من التشاركية.
وهذا ماكان بمحاضرة اليوم للباحثة “هلا” من خلال طرحها لخيال الظل، يجب تفعيل القديم الذي يجمع بين الناس ضمن بنية اجتماعية لتعزيز قيم معينة تعيد أواصر المحبة بين الناس كخيال الظل ليس للتسلية فقط بل لتثبيت قيم مجتمعية، والأهم تعريف الاطفال بذلك وتعميم ذلك على المتاحف والمدارس، واليوم لا ننسى الذكاء الاصطناعي وعلاقته بالتراث مع وجود تقنيات رقمية للحفاظ على التراث وهناك توجه حكومي بذلك تم العمل به منذ عامين حيث تم تصوير المدينة القديمة بواسطة الدرون بالتعاون مع هيئة الاستشعار عن بعد والداتا موجودة لكن واجهتنا بعض الصعوبات بالبنية المعلوماتية بالمحافظة التي تتطلب تقنيات حاسوبية عالية المواصفات فتم اللجوء للاستشعار عن بعد للاستفادة بتحديث مخطط المدينة القديمة، سوريا متحف التاريخ بعدد مواقعها الاثرية الكبير لابد من الحفاظ عليها ولايحصل ذلك إلا بالتشاركية والتنسيق بين كل الجهات السياحية والثقافية والمتاحف فالذي يحمي التراث ليس الجيوش ولا اليونسكو بل أهل البلد مع وعي وحب لهذا التراث مع توعية الأهل خاصة الأم والمدرسة لتعليم الطفل احترام وحماية تراث بلده خاصة بحالات النزاع المسلح والحروب .
وبالحديث عن التكية السليمانية وسوق المهن اليدوية وبما يجري به من انتهاكات علّق المهندس “خالد محمد الفحام” بأن المسؤول عن ذلك الأنظمة التي ساهمت بالتراث وتدميره بوجود انحياز للبعد الاقتصادي على حساب البعد الأثري والأصالة والبيئة، فلتحقيق الربح تم تفضيل البعد الاقتصادي وهذا ماحدث بالتكية حيث تم توقيف المصورات القديمة وتورطوا بمشاريع مع الأمانة السورية للتنمية، والمشكلة الأساسية فهمنا للصناعات اليدوية والتقليدية وطاقات الإنسان الابداعية حيث تم اقتلاع سوق المهن من مكانه وهو قلب تلك المهن التراثية الذي يستمد ابداعه من الوسط المحيط بوجوده ضمن دمشق القديمة ووضعه بحاضنة دمر، واللوم ليس فقط على الأمانة السورية بل على كل المشاركين بقيادة وتوجيه الاستثمار، كما حصل بمشروع الماروتا سيتي حيث تم قلع كل الأشجار لإنشائه.
هناك قلق على التراث لذلك يجب تأمين دخل للحرفي وتوريث المهنة ورعاية الحرفي الذي يبدع الأفكار وينقل الأصالة .
وبرأي المهندس “عبد العظيم العجيلي” فإن مايحصل بالتكية يتعلق بالرؤية التخطيطية حيث المخطط خشبي لم يتطور، حالات عشوائية تسيئ للفكرة الأساسية وهي الهوية خاصة أن دمشق محرق التراث والهوية، نرى اليوم الكثير من الهدم والتعديات ويجب إعادة النظر فيها وهذا من شأن المختصين والمجتمع.
وبرأي الباحثة “هلا قصقص” فإن النظام البائد سرق التراث وطمس هويتنا وتراثنا ودورنا اليوم بالتكاتف ووضع أيدينا مع بعض داخل وخارج سوريا لإعادة إحياء التراث، واقترحت الباحثة هلا إنشاء متحف عن خيال الظل لإعادة إحيائه يكون متحف تفاعلي ولايتحقق ذلك دون دعم الحكومة بكل المجالات.