
اللسان البشري
نظام ميكروبي، أداة تشخيصية، وجسر عصبي معرفي

د. مصطفى كريدلي
خاص الدنيا
مقدمة
اللسان البشري ليس مجرد عضلة تساعد في التذوق والنطق، بل هو عضو معقّد يلعب دورًا محوريًا في صحة الإنسان. تغطي سطحه مستعمرات ميكروبية متنوعة تُعرف باسم: ميكروبيوم الفَم، (Microbiome) والتي لا تساهم فقط في نظافة الفم، بل تؤثر على أجهزة الجسم كلها.
تُظهر الأبحاث الحديثة أن لهذا المجتمع الميكروبي تأثيرات عميقة على الهضم، المناعة، الاضطرابات الاستقلابية، والصحة النفسية. في الوقت ذاته، يعمل اللسان كـ مرآة لصحة الجسم، إذ تعكس ملامحه أمراضًا داخلية. وبفضل ارتباطه العصبي المعقّد، يشكّل اللسان واجهة حسّية وتنظيمية بين الدماغ والجسم.
1 – النظام الميكروبي على سطح اللسان:
يستضيف اللسان مجتمعًا متنوعًا ومنظمًا من الكائنات المجهرية، يُعرف باسم الميكروبيوم الفَم، ويتكوّن من البكتيريا والفطريات والفيروسات و(الأركيا).
هذه الكائنات لا تتوزع عشوائيًا، بل تتجمع في أغشية حيوية منظّمة حسب الظروف مثل الأوكسجين والحموضة والعناصر الغذائية.
- ما هي الأركيا (Archaea): الاسم مُشتق من اللغة اليونانية ويعني (البدائيات) وهي نوع من الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في بيئات متنوعة، منها الفم البشري، وهي تشكل جزءًا من (الميكروبيوم الفموي) وتختلف هذه الكائنات عن البكتيريا رغم التشابه الشكلي، فهي تمتلك خصائص وراثية وبنيوية مميزةفي الفم، ويمكن أن تساهم الأركيا في عمليات (الميثانوجينيسيس) أي (إنتاج غاز الميثان) وفي بعض الحالات قد تكون مرتبطة بأمراض اللثة، لكن وجودها الطبيعي يُعد جزءًا من التوازن البيئي الميكروبي.
الأدوار الرئيسية للميكروبيوم الفموي:
1 –يُساعد في الهضم: حيث تتفاعل الإنزيمات اللُعابية مع الميكروبات لِبدء تكسير الكربوهيدرات والدهون.
2 – الدفاع ضد مُسببات الأمراض: تمنع البكتيرياالنافعة انتشار المُستعمَرات الضارة وتشكل حاجزاً بيولوجياً.
3 – تنظيم الجهاز المناعي: تدرب الميكروبات الفَمَوية الجهاز المناعي وتساعده على التوازن.
4 – التأثير على الصحة العامة: إن اختلال توازن الميكروبيوم (الديسبيوزيس) مُرتبط بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني والسمنة والقلق والزهايمر.
2 – اللسان كأداة تشخيصية: (اللون والملمس)
يُعتبر مظهر اللسان من الأدوات التشخيصية الشائعة في الطب التقليدي والحديث لذافإن اللون، الملمس، ووجود طبقة على سطح اللسان يمكن أن تعكس مشاكل صحية داخلية.
مَظهر اللِسان | المُؤشرات المُحتَمَلة |
لِسان باهت اللون | فقر الدم – ضعف الدورة الدَمَوية |
لِسان أحمر | التهابات – نقص فيتامين (B) |
لِسان أرجواني | ضعف تدفق الدم – مشاكل في القلب أو الرئة |
طبقة صفراء عدوى بكتيرية – مشاكل في الكبد | عدوى بكتيرية – مشاكل في الكبد |
طبقة بيضاء | فطريات الفَم – جفاف |
لسان أملس دون حليمات | نقص غذائي (حديد B12) |
يُستخدم فحص اللسان في الطب الصيني التقليدي وطب الأيورفيدا، كما ويكتسب أهمية متزايدة في الطب الغربي.
ما هو طب الأيورفيدا(Ayurveda)؟
هو نظام طبي شامل للجسم كان قد بدأ في الهند منذ أكثر من (3000 عام) اما اسم هذا الطب (ايورفيدا) فهو مشتق من كلمتين سنسكريتيتين وهما: (ايوس) وتعني الحياة و(فيدا) وتعني العلم وبالتالي فإن (الايورفيدا) تعني حرفيا (علم الحياة) ويركز (الأيورفيدا)بخلاف الأنظمة الطبية الأخرى على الحياة الصحية أكثر من علاج الأمراض.
3 – اللسان وعلاقته العصبية بالدماغ:
يتصل اللسان اتصالًا وثيقًا بالجهاز العصبي، خاصة عبر العصب تحت اللسان ويسمى (العصب القحفي الثاني عشر- hypoglossal nerve (cranial nerve XII)، والعصب اللساني البلعومي (العصب القحفي التاسع– (glossopharyngealnerve (IX) والعصب الوجهي (العصب القحفي السابع – facial nerve (VII)).
هذه الأعصاب تتحكم في حركة اللسان وتنقل الإشارات المتعلقة بالتذوق والملمس والحرارة إلى الدماغ
التفاعلات بين الدماغ واللسان:
1 –الإدراك الحسي للمذاق: ينشط مناطق مثل القِشرة الذوقية واللوزة الدماغيةومنطقة تُدعى: (اينسولا –insula) وهي منطقة دماغية تقع في أعماق القشرة المخية مما يربط الطعم بالعاطفة والذاكرة.
2 –يُستخدم تَحفيز اللِسان كهربائياً في بعض العلاجات العصبية لتحسين وظائف الدماغ بعد الإصابات الدماغية والتصلب المُتعدد.
3 –أظهرت الدراسات الحديثة وجود تأثير مزدَوج: فاضطرابات المزاج تؤثر على إدراك الطعم والعكس صحيح فقد يؤثر الميكروبيوم الفَموي على الحالة النفسية عبر محور الأمعاء – الدماغ.
فوائد وظيفية أخرى للسان:
1 – إنتاج الكلام: يتعاون ويعمل بتناغم مع الشفتين والأسنان والحَنك عند نطق الكلام.
2 – البلع ومضغ الطعام: يساعد على تكوين كتلة الطعام (اللقمة) ويوجهها نحو المَري.
3 – تَمييز التذوق والنكهات: يحتوي على حوالي 10.000 بُرعم تَذَوق للتمييز بين النكهات الحلوة والمالحة والحامضة والمُرَة ونكهات (الأومامي).
ما هي نكهات الأومامي (Umami Flavors)؟
(الأومامي): هو مُصطلح يا باني ويعني المذاق اللذيذ أو الطعم الغني وهو المذاق الخامس بين الأنواع الخمسة الأساسية للتذوق التي تميزها براعم التذوق في اللسان ويرتبط مَذاق الأومامي بمذاق الأحماض الأمينية مثل (الجلوتامات) ويُعرف بطعمه الغني الذي يُميز البروتينات التي توجد في أطعمة مثل: (مَرَق العظم والجبن المُعَتَق والبَنَدورة (الطماطم) واللحوم والصويا والطعام المُخَمَر.
4 – تنظيم إفراز اللُعاب: تُحَفز الحركة الميكانيكية لِلسان الغُدد اللُعابية مِما يُساعد على الهضم ويُحافظ على صحة الفَم.
خاتمة
يُعد اللسان عضوًا مُتعدد الوظائف، فهو مقرّ لمجتمع ميكروبي بالغ الأهمية، وأداة تشخيصية فعالة، وواجهة عصبية حسية. تؤثر صحته على الجسم كله، ويُعد انعكاسًا دقيقًا للوظائف الحيوية. وقد يصبح فحص اللسان وسيلة روتينية للتشخيص المبكر والعلاج، ليس فقط في الطب الفموي، بل في الطب العام والمعرفي أيضًا.
شرح لوحة أشكال البكتيريا وأين تصيب جسم الانسان وما تتسبب به:
1 – البكتيريا الكُرَوية – المُكَورات (Cocci):
- 1 – المُكورات العنقودية (Staphylococci) – Staphylococcus aureus
هل هي ضارة؟ نعم
أين تُصيب جسم الانسان: الجلد، الجروح، الأنف
بماذا تتسبب به للإنسان: قد تسبب دمامل، تسمم غذائي، أو التهابات خطيرة. - 2 – المكورات العقدية (Streptococci) – Streptococcus pyogenes
هل هي ضارة؟ نعم
أين تُصيب جسم الانسان: الحلق، الجلد
بماذا تتسبب به للإنسان: تسبب التهاب الحلق، الحمى القرمزية، والتهابات جلدية. - 3 – المكورات الثنائية (Diplococci) – Neisseria gonorrhoeae
هل هي ضارة؟ نعم
أين تُصيب جسم الانسان: الجهاز التناسلي
بماذا تتسبب به للإنسان: تسبب مرض السيلان (عدوى منقولة جنسياً).
2 – بكتيريا العصيات (Rods):
- 1 – العصيات (Bacilli) – Mycobacterium tuberculosis
هل هي ضارة؟ نعم
أين تُصيب جسم الانسان: الرئتان
بماذا تتسبب به للإنسان: تسبب مرض السل الرئوي. - 2 – العصيات العقدية (Streptobacilli) – Bacillus anthracis
هل هيضارة؟ نعم
أين تُصيب جسم الانسان: الجلد، الرئتان، الجهاز الهضمي
بماذا تتسبب به للإنسان: تسبب مرض الجمرة الخبيثة (Anthrax). - 3 – العصيات الكروية (Coccobacilli) – Yersinia pestis
هل هي ضارة؟ نعم
أين تُصيب جسم الانسان: العقد اللمفاوية، الرئتان
بماذا تتسبب به للإنسان: تسبب الطاعون.
3 – البكتيريا الحلزونية (Spiral):
- 1 – الاهتزازية (Vibrio) – Vibrio cholerae
هل هي ضارة؟ نعم
أين تُصيب جسم الانسان: الأمعاء
بماذا تتسبب به للإنسان: تسبب الكوليرا، وتؤدي إلى إسهال حاد. - 2 – اللولبية (Spirilla) – Helicobacter pylori
هل هي ضارة؟ نعم
أين تُصيب جسم الانسان: المعدة
بماذا تتسبب به للإنسان: تسبب القرحة والتهابات المعدة. - 3 – الملتوية (Spirochaetes) – Treponema pallidum
هل هي ضارة؟ نعم
أين تُصيب جسم الانسان: الأعضاء التناسلية، الدم، الجهاز العصبي
بماذا تتسبب به للإنسان: تسبب مرض الزهري (Syphilis).
بقلم: الكابتن البحري ورُبان أعالي بِحار
مصطفى كريدلي
أثينا في: 1 أيار – مايو 2025
ملاحظة: هذا المقال واللوحات المرفقة معه تم تُسَجيلهم رسميا بادارة الدراسات والبحوث العلمية والفلكية اليونانية (قسم الدراسات باللغة العربية) كما تم نشره باللغة اليونانية بمجلة (اكسانداس) التابعة لاتحاد قادة ربابنة أعالي البحار اليوناني وقد خصصت به اليوم صحيفة (الدنيا) الالكترونية السورية فقط.
المصادر:
- Wade, W. G. (2013) – The oral microbiome in health and disease. Pharmacological Research.
- Zaura, E. et al. (2009) – Defining the healthy “core microbiome” of oral microbial communities. BMC Microbiology.
- Zhang, Y., et al. (2020) – Oral microbiota: a new frontier in systemic diseases. Journal of Dental Research.
- Belstrøm, D. (2020) – The role of the oral microbiota in cardiovascular and metabolic disease. Current Oral Health Reports.
- Hicks, J. et al. (2018) – Microbiome dysbiosis and neurodegeneration: Etiology and pathogenesis of Alzheimer’s disease. Journal of Neuroinflammation.
- Gill, S. R. et al. (2006) – Metagenomic analysis of the human distal gut microbiome.
- Gibbons, R. J. (1989) – Bacterial adhesion to oral tissues: a model for infectious diseases. Journal of Dental Research.
- Xu, X. et al. (2015) – Oral health and cognitive function in the elderly: A systematic review. Journal of the American Geriatrics Society.
- Feng, X. et al. (2019) – Color and texture analysis of tongue images for diabetes diagnosis. Scientific Reports.
- Tongue and Taste (NIH) – National Institute on Deafness and Other Communication Disorders (NIDCD).