سورية والعالماخبار الدنيا
خطاب غير أ. بيدرسن حول الوضع في سوريا
خطاب غير أ. بيدرسن حول الوضع في سوريا
خطاب غير أ. بيدرسن حول الوضع في سوريا
نقلاً عن د. شادي حجازي
الخطاب كما أُلقي، ترجمة غير رسمية
الخطاب كما أُلقي، ترجمة غير رسمية
مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا غير أ. بيدرسن
إفادة إلى مجلس الأمن
8 يناير/كانون الثاني 2025
السيد الرئيس،
1. اليوم، تسعى سوريا إلى رسم مسار جديد عقب سقوط النظام السابق قبل شهر واحد فقط. إن القرارات التي تُتَّخذ الآن ستحدد المستقبل لفترة طويلة قادمة. هناك فرص كبيرة ومخاطر حقيقية. يحتاج السوريون والمجتمع الدولي إلى إنجاز المرحلة المقبلة على النحو الصحيح، والأمم المتحدة على استعداد لبذل كل ما في وسعها للتيسير والمساعدة والدعم.
السيد الرئيس،
2. لدي اليوم ست نقاط.
3. أولاً: تواصل السلطات المؤقتة العمل على هيكلة سلطتها وترسيخها.
4. تتألف السلطات المؤقتة في معظمها من أفراد ينتمون إلى حكومة إدلب السابقة. كما تم تعيين عدة محافظين – لم يُعلن عن جميعهم رسمياً – ويبدو أنهم من المنتسبين إليها أو من عناصر الجماعات المسلحة.
5. هناك تقارير تفيد بوجود اتفاق مبدئي على دمج الفصائل تحت مظلة وزارة دفاع واحدة، إلا أن وضع التنفيذ ما يزال غير واضح، إذ يُقال إن بعض الفصائل لم تدخل بعد في هذا الاتفاق، وقد شهدنا أيضاً بعض الحوادث التي منعت فيها قوى محلية دخول قوات تابعة للسلطات المؤقتة إلى مناطق تسيطر عليها تلك القوى المحلية، لا سيما في الجنوبـ وفي الوقت نفسه، جرى الشروع في عملية لتسوية أوضاع المسؤولين السابقين في الجيش عبر مراكز المصالحة.
6. أصدرت السلطات المؤقتة أول قائمة بالتعيينات العسكرية في وزارة الدفاع الجديدة ويبدو أنها تضم عناصر من طيف واسع من الفصائل، بما فيها هيئة تحرير الشام، وتشمل أيضاً مقاتلين من دول أجنبية.
7. عقدت السلطات المؤقتة اجتماعات مع طيف واسع جداً من الممثلين والأفراد من مختلف المجموعات والمكونات السورية كما اجتمعت بوزراء خارجية ومسؤولين رفيعي المستوى زائرين، وقد عاد للتو وزير الخارجية المؤقت الشيباني من زيارة إقليمية.
السيد الرئيس،
8. نقطتي الثانية: هناك بوادر عدم استقرار في المناطق الخاضعة لسيطرة السلطات المؤقتة.
9. بالرغم من وجود مناطق عديدة حيث تبدو الأوضاع الأمنية جيدة، فقد تلقينا تقارير متعددة عن حوادث عنف – في المناطق الساحلية وحمص وحماة على وجه الخصوص – تتضمن روايات عن ممارسات مهينة وحاطة بالكرامة.
10. نفذت السلطات المؤقتة أيضاً دوريات وما تسميه “عمليات تمشيط”، حيث قامت باعتقال مسؤولين سابقين أو عناصر تتهمهم بارتكاب جرائم حرب أو برفض تسليم الأسلحة وتسوية أوضاعهم.
11. كما وردت تقارير عن اشتباكات مع من توصف بأنها عناصر تابعة للنظام السابق، ما أدى إلى وقوع ضحايا من ضمن عناصر السلطات المؤقتة أنفسهم.
12. هناك مقاطع فيديو متداولة لما يبدو أنه انتهاكات أو إعدامات خارج نطاق القضاء بحق مسؤولين من النظام السابق – مع ملاحظة وجود تقارير تفيد بقيام السلطات المؤقتة باعتقال بعض الجُناة.
13. ثمة تقارير أيضاً عن أن خطط إعادة هيكلة القطاع العام قد تترك العديد من الأشخاص بلا سبل عيش، ما قد يدفعهم إلى العوز ويهدد الاستقرار أكثر. وفي هذا الصدد، وفي كل القضايا الأخرى، نحث السلطات المؤقتة على مد يد الطمأنة والثقة لجميع مكونات المجتمع السوري، وتعزيز المشاركة الفاعلة للجميع في بناء سوريا الجديدة.
السيد الرئيس،
14. النقطة الثالثة: هناك مناطق شاسعة خارج سيطرة السلطات المؤقتة، وما زال النزاع مستمراً، كما تتهدد سوريا أخطار حقيقية تمس سيادتها ووحدتها وسلامتها الإقليمية.
15. لا تزال مناطق الشمال الشرقي، فضلاً عن أجزاء من مدينة حلب، خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (SDF) ووحدات حماية الشعب (YPG). وعلى الرغم من وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة قرب منبج في ديسمبر/كانون الأول، فقد وردت تقارير عن اشتباكات وتبادل لإطلاق المدفعية بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات الجيش الوطني السوري على وجه الخصوص. وأدلت تركيا بتصريحات تشير إلى احتمال واضح لتكثيف العمليات العسكرية التركية في الشمال الشرقي.
16. وفي الوقت ذاته، تم فتح قنوات حوار بين السلطات المؤقتة وقوات سوريا الديمقراطية، التي اجتمعت الأسبوع الماضي في دمشق. وتشير التصريحات العلنية إلى توضيح المواقف، لكنها لا توحي بعد باحتمال التوصل إلى اتفاق وشيك.
السيد الرئيس،
17. ما زلت أدعو وأدعم تطوير جميع قنوات الحوار، وأحث جميع الأطراف على إيجاد سبيل للمضي قدماً بلا مواجهة عسكرية.
18. نحن قلقون بشدة إزاء استمرار الوجود والنشاط العسكري الإسرائيلي، بما في ذلك ما يتجاوز منطقة الفصل، في انتهاك لاتفاقية فك الاشتباك لعام 1974. وعلاوة على ذلك، يجب رفع القيود المفروضة على حرية تنقل قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (أوندوف) من جانب قوات الدفاع الإسرائيلية (IDF) بلا تأخير. إن الاعتداءات على سيادة سوريا وسلامتها الإقليمية يجب أن تتوقف. والتقارير بشأن استخدام قوات الدفاع الإسرائيلية للذخيرة الحية ضد المدنيين، وعمليات التهجير وتدمير البنية التحتية المدنية مقلقة جداً كذلك. إن هذه الانتهاكات، إلى جانب الغارات الجوية الإسرائيلية في مناطق أخرى من سوريا – والتي تم الإبلاغ عنها حتى الأسبوع الماضي في حلب – يمكن أن تزيد من تقويض آفاق الانتقال السياسي المنظم.
19. لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية (ISIL) يشكل مصدر قلق كبير، مع استمرار أنشطته ومخاوف من أن يسعى إلى استغلال حالة عدم الاستقرار الأمني في بعض المناطق. وقد تواصلت عمليات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضده، بما في ذلك الضربات الجوية الأمريكية والفرنسية المركزة.
السيد الرئيس،
20. نقطتي الرابعة: احتياجات الشعب السوري ما زالت حادة.
21. إن توم سيقدم بالتأكيد مزيداً من التفاصيل حول هذا، ولكن ما يزال الحصول على الخدمات الأساسية والضرورية، بما يشمل الرعاية الصحية والمياه والكهرباء والإسكان، يمثل تحديات هائلة. كما أن العقبات أمام عودة النازحين واللاجئين ما تزال كبيرة – بخاصة في ظل انعدام سبل العيش والبنية التحتية المدمرة أو المتضررة، إلى جانب الانتشار الواسع للألغام التي تسببت في أعداد متزايدة من الضحايا.
22. أرحب بصدور رخصة عامة مؤقتة جديدة من قبل حكومة الولايات المتحدة. ولكن لا مفر من ضرورة القيام بعمل أكبر وأوسع بكثير في المعالجة الكاملة للعقوبات والتصنيفات.
السيد الرئيس،
23. نقطتي الخامسة: ما يزال المسار المستقبلي للانتقال السياسي غير واضح. هناك تطورات إيجابية يمكن البناء عليها، لكن هناك أيضاً جوانب مقلقة يعبر عنها السوريون.
24. بدايةً، أشارت القيادة إلى أن السلطات المؤقتة الحالية ستعمل لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر لضمان عدم انهيار الدولة، ثم يجري الانتقال إلى ترتيبات أوسع. ومع ذلك، هناك قرارات أو مواقف مهمة يتخذونها حالياً يشعر كثير من السوريين أنه ينبغي تركها لمرحلة انتقالية أكثر شمولاً – مثل صياغة مواقف حول طبيعة الدولة قبل مرحلة دستورية؛ أو إصدار قرارات طويلة الأمد بشأن القطاع الأمني أو في مجالات مثل التعليم.
25. وفي مقابلة واسعة النطاق، ذكر السيد أحمد الشرع أنه ستكون هناك عملية حوار وطني، شاملة وجامعة للعديد من الطوائف السورية، مع إجراء تصويت بشأن القضايا المهمة والمفصلية التي ينبغي أن تكون أساس المرحلة الانتقالية. وتحدث عن عملية لصياغة دستور ينفذها خبراء، وقد تستغرق من سنتين إلى ثلاث سنوات. كما تحدث عن إجراء انتخابات قد تستغرق ما يصل إلى أربع سنوات، نظراً لما يراه من تحضيرات ضرورية تشمل التوثيق المدني وبيانات السكان.
26. لقد تلقى بعض السوريين إشارات من السلطات المؤقتة بشكل إيجابي، ولا سيما في ما يتعلق بالتأكيد على الشمول والحاجة إلى إشراك طيف واسع من السوريين في تشكيل المرحلة الانتقالية والاستفادة من خبرات السوريين على اختلافهم.
27. لكن في الوقت ذاته، السيد الرئيس، سمعنا مخاوف بشأن انعدام الشفافية حول التوقيت والإطار والأهداف والإجراءات الخاصة بأي مؤتمر للحوار الوطني – وكذلك في ما يتعلق بالمشاركة، أي المعايير الخاصة بالحضور والتوازن في التمثيل.
28. من المهم للغاية، السيد الرئيس، ألا تُستعجل هذه العملية وأن يتم الإعداد والتفكير فيها جيداً. وفي هذا السياق، أرحب بحقيقة أن السلطات المؤقتة أوضحت الآن علناً أن المؤتمر قد تم تأجيله لحين تشكيل لجنة تحضيرية موسعة تضم ما سُمِّي بالتمثيل الشامل لسوريا من جميع القطاعات والمحافظات.
السيد الرئيس،
29. يقودني هذا إلى نقطتي السادسة: نحن على استعداد للعمل مع السلطات المؤقتة حول كيفية تطوير الأفكار والخطوات الوليدة والمهمة التي طُرحت وبوشر بها حتى الآن، باتجاه انتقال سياسي ذي مصداقية وشامل.
30. واستناداً إلى البيان الصحفي المهم الصادر عن هذا المجلس في 17 ديسمبر/كانون الأول، أرى أن هناك فهماً واضحاً بعدم إمكانية تطبيق القرار 2254 حرفياً. على سبيل المثال، لن يكون النظام السابق طرفاً في أي عملية مستقبلية. وهناك بطبيعة الحال أمثلة أخرى أيضاً. من الواضح أن هناك حاجة إلى أساليب تفكير ومناهج جديدة في العديد من الجوانب. ولكن هناك إجماعاً واسعاً على أن عملية الانتقال لا تزال بحاجة لتحقيق الأمور الرئيسة التي نص عليها القرار 2254:
– أولاً: انتقال سوري-الملكية وقيادة سورية يتسم بالمصداقية والشمول والشفافية. وفي هذا الشأن، اسمحوا لي أن أكون واضحاً: لا أعتقد أن أي سوري يطالب بحصص على أساس طائفي أو عرقي أو باستيراد نماذج من بلدان أخرى، بل يشدد على إشراك أوسع طيف من المجتمع والأحزاب السورية بما يكفل تعزيز ثقة الجمهور في الانتقال.
– ثانياً: ضمان تشكيل حكومة انتقالية تتسم بالمصداقية والشمول وعدم الطائفية.
– ثالثاً: دستور جديد يتم إعداده في إطار عملية ذات مصداقية وشمول.
– رابعاً: انتخابات حرة ونزيهة تشمل جميع السوريين، وفق المعايير الدولية.
السيد الرئيس،
31. لقد أكدت النساء السوريات في الأسابيع الأخيرة توقعاتهن وعزمهن على المشاركة في صنع القرار طوال العملية الانتقالية وما بعدها، على المستويين الوطني والمحلي. ويؤكدن توقعاتهن بأن أي مراجعة دستورية ستضمن حقوق المرأة ودورها ومكانتها المتطورة. لدى النساء السوريات الكثير ليقدمنه، وينبغي للبلاد أن تستفيد من هذه القدرات الجماعية بصورة كاملة.
السيد الرئيس،
32. وأود أيضاً أن أؤكد أن الدعوات إلى تحقيق العدالة والمساءلة وجبر الضرر تتردد بقوة عبر مختلف أطياف المجتمع، وهي ضرورة أساسية لضمان السلام المستدام واللحمة الاجتماعية. إنها عملية طويلة بطبيعة الحال. ولكن هناك خطوات عملية فورية ضرورية، مثل منح الوصول والتصاريح للمنظمات المتخصصة، سواء المحلية أو الدولية، كي تضطلع بمهام الحفظ والتوثيق. لقد راكم السوريون سنوات من العمل على هذه القضايا ينبغي البناء عليها والاستفادة منها على النحو الأمثل. وكذلك فعلت الأمم المتحدة، بما فيها الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، ولجنة التحقيق، والمؤسسة المستقلة المنشأة حديثاً المعنية بالمفقودين – وجميعها لها دور أساسي اليوم.
السيد الرئيس،
33. إن النقاط التي ذكرتها تتوافق مع ما يشترك فيه طيف واسع من السوريين، من نشطاء المجتمع المدني ونساء وقوى سياسية. وألاحظ بإيجابية أن قادة السلطات المؤقتة تحدثوا عن الحاجة إلى الشمول، بما في ذلك مشاركة المكونات المختلفة، وكذلك الحاجة إلى دستور جديد وإجراء انتخابات. وعليه، فهناك فرص هائلة لبناء أسس السلام والاستقرار الدائمين في سوريا. ولكن، السيد الرئيس، قد يشكل أي خطأ أو فرصة ضائعة خطراً على مستقبل سوريا ويزرع بذور عدم الاستقرار. ومع ذلك، أعتقد أن هناك أرضية مشتركة يمكن تطويرها بسهولة عبر الحوار مع السلطات المؤقتة. وهناك خبرة ودعم حقيقي يمكن توفيرهما دعماً لعملية بقيادة سورية.
السيد الرئيس،
34. كما أنني مقتنع تماماً بأن العمل على انتقال سياسي شامل هو السبيل الأنجع لتعزيز الثقة وضمان حصول سوريا سريعاً على الدعم الاقتصادي الذي تحتاجه بشدة – الأمر الذي يتطلب بدوره رفع العقوبات بسلاسة، واتخاذ إجراءات مناسبة حيال التصنيفات أيضاً، وتمويلاً ضخماً يشمل إعادة الإعمار.
35. لقد سعيت، بشكل غير رسمي ورسمي، إلى المتابعة مع السلطات المؤقتة بشأن مسألة الانتقال وجميع القضايا ذات الصلة بروح من الانفتاح والشراكة، وأعتقد أن من الضروري إجراء ذلك.
36. ولتقديم كل سبل المشاركة والدعم المطلوبة، نحن نمضي بالفعل نحو تعزيز وجود وخبرات بعثتنا السياسية في دمشق. وهناك تخطيط نشط من جانب الأمم المتحدة لضمان العمل بشكل موحد في جميع محاور الدعم المحتملة لانتقال ذي مصداقية وشامل.
37. إن نائبتي، السيدة رشدي، والعديد من أعضاء فريقي موجودون حالياً في سوريا للمتابعة وإجراء مزيد من التواصل مع مجموعة واسعة من السوريين. وأود، السيد الرئيس، أن أعود إلى دمشق في أقرب وقت ممكن.
شكراً لكم، السيد الرئيس.