اقتصاد وتكنولوجياسورية والعالم
أخر الأخبار

سورية الغائب عن وليمة الحزام والطريق

سورية الغائب عن وليمة الحزام والطريق

سورية الغائب عن وليمة الحزام والطريق

خاص الدنيا
أصبحت الصين لاعباً اقتصادياً محورياً في العالم العربي بعد انضمام عدداً من الدول العربية لمبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها عام 2013 لتعزيز التجارة العالمية عبر شبكة ضخمة من الطرق والبنية التحتية والاستثمارات في الدول الواقعة على هذا الطريق إلى هذه المبادرة، من بينها مصر والعراق، بينما تأخرت دول أخرى بالانضمام مثل سورية التي حتى بعد انضمامها ظلت غائبة عن المشهد الاستثماري برغم موقعها المميز وإمكاناتها.

مصر: الشريك الاستراتيجي للصين في أفريقيا والشرق الأوسط

تلعب مصر دوراً مركزياً في خريطة استثمارات مبادرة الحزام والطريق، بفضل موقعها الجغرافي ومكانتها الإقليمية.
ففي عام 2016، وقعت مصر والصين مذكرة تفاهم للانضمام للمبادرة، ما فتح الباب أمام تنمية علاقات اقتصادية واستثمارية متينة.

أبرز المشاريع الصينية في مصر:
  • مدينة العلمين الجديدة: مشروع مشترك بين مصر والصين بقيمة 7 مليارات دولار، يهدف إلى بناء منطقة سكنية وتجارية حديثة.
  • منطقة الصناعات الثقيلة في العين السخنة: بقيمة تتجاوز 5 مليارات دولار، لتكون مركزاً صناعياً رئيسياً.
  • شركة “جاك موتورز” (JAC Motors) في أوائل عام 2023، أعلنت الشركة الصينية “جاك” أنها ستبدأ تصنيع سيارتها الكهربائية JAC iEV7S في مصر، ضمن مصنعها بالسادس من أكتوبر، وبطاقة إنتاجية تبلغ 5 آلاف سيارة سنوياً. [المصدر: جريدة المصري اليوم – مارس 2023]
  • مؤخرا قررت شركة “شيري” Cheery افتتاح فرعاً لتصنيع علامتها الفرعية “جي تور” (Jetour) التي تنتج سيارات الدفع الرباعي الفاخرة.
الأرقام تتكلم:

بحسب البنك الدولي، بلغت الاستثمارات الصينية المباشرة في مصر نحو 1.2 مليار دولار خلال الفترة 2018–2023، مع تركيز على قطاعات الطاقة، والنقل، والصناعة.

العراق: إعادة الإعمار عبر شراكات استراتيجية

أما في العراق، فإن مبادرة الحزام والطريق تمثل فرصة ذهبية لإعادة إعمار البنية التحتية المتدهورة بعد سنوات الحرب.
وقد وقعت بغداد وبكين اتفاقية انضمام العراق إلى المبادرة منذ عام 2015، لكن التنفيذ كان بطيئاً بسبب الوضع الأمني وبعض البيروقراطية.

أبرز الاستثمارات الصينية في العراق:

تطوير حقلي الناصرية وغرب القرنة: شركة “سينوبك” الصينية تستثمر أكثر من 3.5 مليار دولار لرفع طاقة الإنتاج النفطي.
مشروع ميناء الفاو الكبير: بقيمة تقدر بـ 18 مليار دولار، وهو أحد أكبر المشاريع المرتبطة بالحزام والطريق في المنطقة.
تحديث البنية الرقمية: شركة “هواوي” تعمل منذ 2021 على تطوير شبكات الاتصالات والإنترنت في العراق. المصدر: وكالة الأناضول، 2022

إحصائيات هامة:
بحسب وزارة التخطيط العراقية، لم تتجاوز الاستثمارات الصينية الرسمية في العراق 5 مليار دولار حتى نهاية 2023، بسبب التحديات الأمنية والسياسية.

سوريا: الغياب القسري عن مبادرة الحزام والطريق

رغم الموقع الجغرافي المتميز لسورية، إلا أنها لم تشارك بشكل فاعل في مبادرة الحزام والطريق وهذا ليس بسبب عدم اهتمام الجانب الصيني، بل لأسباب موضوعية:

أسباب غياب سوريا عن الخريطة الاستثمارية:
  • الوضع الأمني غير المستقر: الحرب المستمرة التي تجعل من الصعب على الشركات الأجنبية التعامل مع الاقتصاد السوري.
  • العقوبات الدولية: فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية على النظام السوري، مما يمنع الشركات الصينية الكبرى من الاستثمار هناك دون مواجهة ضغوط دولية.
  • الدمار الهائل في البنية التحتية : يجعل من إعادة الإعمار تحدياً اقتصادياً هائلاً بدون ضمانات واضحة.
  • غياب السياسات الاقتصادية الجاذبة: حيث لم يتم توفير تشريعات أو حوافز حقيقية تجذب المستثمرين الأجانب.
  • الفساد الهائل: مع الانتشار المرعب للفساد الذي أنتج فقراً غير مسبوق اصبحت عملية الاستثمار مخاطرة ونفق يؤدي للمجهول.

رغم ذلك، أعربت الصين مراراً عن دعمها لإعادة إعمار سورية، وقدمت مساعدات إنسانية بقيمة 400 مليون دولار بين عامي 2011 و2022، لكنها لم تعلن عن أي استثمارات مباشرة أو مشاريع كبرى. المصدر: صحيفة الشرق الأوسط، 2023

الآن وبعد ورفع العقوبات أصبح الطريق ممهداً كي تستفيد سورية من هذه الاستثمارات فيما لو توفرت الارادة الحقيقة.

مبادرة الحزام والطريق فرصة ذهبية للدول العربية للانفتاح على الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية الحالية.
وقد شكلت مصر والعراق نموذجين مختلفين للاستفادة من هذه المبادرة، حيث تحقق مصر تقدماً ملموساً في جذب الاستثمارات، بينما تشهد العراق تطورات بطيئة ولكن واعدة.
أما سورية، فإن غيابها عن المشهد لا يعني استبعادها بشكل نهائي، بل هو غياب مؤقت يستلزم ظروفاً سياسية مناسبة، خاصة مع تحسن البيئة الاستثمارية.

فإذا كان العراق بعلاقاته المميزة مع أمريكا و بحجمه ومكانته الاقتصادية ومصر ومكانتها الاقليمية والعالمية، وجدا بمبادرة الحزام والطريق فرصة استثنائية لم يفوتاها، فأين سورية؟

فيصل العطري

مواضيع ذات صلة

التوسع الصيني في مصر يدخل مرحلة جديدة
سورية – الحزام والطريق فرص وتحديات
بريكس ترسم مسارها في القمة التاريخية .. وشي يقدم خمسة مقترحات
حقيقة فخ الديون الصينية

زر الذهاب إلى الأعلى