
كنز من الزركونيوم تكتشفه الصين
خاص الدنيا
في تطور قد يغير خارطة احتياطي المعادن الاستراتيجية في العالم، أعلنت الصين عن اكتشاف مؤكد كبير من معدن الزركونيوم، ورغم أن الخبر لم يلقَ ضجة عالمية وقتها، إلا أن خبراء في مجال الموارد الطبيعية يصفونه بأنه “انفراجة جيولوجية” قد تُحدث فرقاً كبيراً في مستقبل الصناعات التكنولوجية المتقدمة بالصين.
ما يميز هذا الاكتشاف هو الطبيعة الجيولوجية، هذه الكمية الضخمة وجُدت في طبقات رسوبية تعود لحقبتي الباليوجين والنيوجين وهي طبقات كانت قاع بحيرات قديمة وجفت، عادة يُستخرج معدن الزركونيوم من الصخور النارية أو رواسب الشواطئ الرملية.
الزركونيوم (Zirconium) ليس مجرد معدن نادر، بل هو عنصر هام لصناعات المستقبل، رغم أنه لا يوجد بشكل حر في الطبيعة، وإنما يكون مرتبط بمعادن أخرى مثل السيليكون والأكسجين، إلا أن له تطبيقات حيوية لا يمكن الاستغناء عنها مثل:
- الصناعات النووية: تُستخدم سبائك الزركونيوم (مثل زركاليوم) في أغلفة قضبان الوقود النووي بسبب قدرتها العالية على مقاومة التآكل وامتصاصها الضعيف للنيوترونات.
- تكنولوجيا الطيران والفضاء: يُستخدم في صناعة المحركات التي تعمل بسرعات فوق صوتية، نظراً لقدرته على تحمل درجات الحرارة العالية جداً.
- الإلكترونيات المتقدمة: يدخل في تصنيع بعض أنواع السيراميك الصناعية المستخدمة في شرائح الحوسبة ووحدات التخزين.
- الصناعات الطبية: تُصنع منه بعض أنواع المزروعات الطبية (مثل مفاصل الورك) بفضل خواصه البيولوجية المتميزة.
وفقاً لتقرير نشرته صحيفة South China Morning Post في أبريل 2024، تستند التقديرات الأولية إلى أن الاحتياطي الجديد يُعادل أربعة أضعاف المخزون المعروف سابقاً في الصين.
رغم أن الأرقام الدقيقة لا تزال قيد التقييم، فإن التقديرات تشير لوجود مئات الملايين من الأطنان من الصخور الغنية بالزيركون، بتركيز يتجاوز الحدود الاقتصادية للاستخراج.
وهذا يعني أن الصين ستتحول من دولة تعتمد جزئياً على الاستيراد إلى لاعب رئيسي في سوق الزركونيوم العالمي، خاصة في ظل تنافسها الجيوصناعي مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على السيطرة على سلاسل توريد المعادن النادرة.
هذا الاكتشاف لا يُعد مجرد خبر علمي، فمع تصاعد المنافسة التكنولوجية، أصبحت السيطرة على المعادن الحيوية مثل الزركونيوم، الليثيوم، والتربيوم أمراً بالغ الأهمية.
والصين ليست غريبة عن هذا المجال فهي حالياً المسيطر الأكبر على إنتاج العديد من المعادن النادرة، مثل النيوديميوم والدستانيوم، المستخدمة في البطاريات والمغناطيسات. ومع هذا الاكتشاف، قد تضيف الزركونيوم إلى قائمة “أوراق القوة” الصناعية التي تمتلكها.
رغم الإيجابيات، فإن الاستفادة من هذا الكنز ليست سهلة، إذ ستواجه الصين تحديات في:
- التكنولوجيا المستخدمة في الاستخلاص: فصل الزركونيوم عن الزركون يتطلب عمليات كيميائية معقدة وطاقة عالية.
- التأثير البيئي: التعدين في منطقة صحراوية حساسة مثل منطقة الاكتشاف قد يؤثر على المياه الجوفية والأنظمة البيئية الهشة.
- البنية التحتية: منطقة الاكتشاف نائية، وتحتاج إلى طرق، وطاقة، وشبكات نقل لدعم عمليات التعدين.
لكن الحكومة الصينية أعلنت بالفعل عن خطط ضخمة لتطوير البنية التحتية لمنطقة شينجيانغ، ضمن مبادرة “الحزام والطريق”، ما قد يسرّع من وتيرة استغلال هذه الموارد.
مصادر المعلومات:
- South China Morning Post – “China discovers rare zirconium deposits in Tarim Basin” – April 2024
- China Geological Survey (CGS) – Official Reports on Mineral Exploration in Xinjiang – 2023–2024
- S. Geological Survey (USGS) – “Mineral Commodity Summaries: Zirconium” – 2024
- Journal of Asian Earth Sciences – “Sedimentary zircon deposits in inland basins: A new frontier?” – Vol. 235, 2023
- China Daily – “Major mineral find in Xinjiang could boost high-tech industries” – March 2024