زائر فضائي جديد لنظامنا الشمسي قادمٌ من بين النجوم بنهاية 2025
زائر فضائي جديد لنظامنا الشمسي قادمٌ من بين النجوم بنهاية 2025

زائر فضائي جديد لنظامنا الشمسي قادمٌ من بين النجوم بنهاية 2025

د. مصطفى كريدلي
خاص الدنيا
مقدمة:
ربما أكثر الأسباب التي دفعتني للابتعاد عن وسائط التواصل الاجتماعي ومواقع (الميديا) على الأنترنتوعدم قراءة أية أخبار أو مواضيع وخاصة العلمية منها هو الأخبار المُضللة والاشاعات المثيرة والمفبركةالتي يخرج بها بعض الجهلَة وغير المتخصصين بأي علم ممن يتواجدون على الصفحة العنكبوتية (وما أكثرهم اليوم) والتي مع الأسف تدفع القارئ البسيط للضياع والقلق والحيرة بين هذا الكم الكبير من المنشورات وصعوبة التفريق بين ما هو حقيقي وما هو مفبرك.
العديد من الصفحات العربية والأجنبية على وسائط التواصل الاجتماعي نشرت خبراً مفاده أن هناك جسما فضائيا قادما من أعماق الفضاء ومن خارج مجرتنا قد تم رصده وان هناك بعض علماء الفلك توقعوا على نحو شبه مؤكد (وهذا غير صحيح) أن مركبة فضائية من عوالم بعيدة وهي تتجه الآن للأرض ومن المتوقع وصولها بشهر كانون الاول ديسمبر 2025.

هذا الخبر في تلك الصفحات لكي يكون قابلاُ للتصديق من قبل القراء اضافوا اليه بعض المعلومات العلمية والتي كانت أيضاً مغلوطة مثل:
أسماء التلسكوبات التي رصدت هذا الجسم وتاريخ وصوله وسرعته وحجمه الضخم بل وذهب بعضهم لأبعد من ذلك ليقول (كذبا طبعاً) أن هذا المركبة الفضائية ترسل إشارات الى الأرض وان هذا يشير الى انه ليس جسم فلكي طبيعي.
بينما ذهب بعضهم الآخر بهدف تأكيد صحة شائعات هذا الخبر مُستخدماً تنبؤات العرافة البلغارية العمياء المعروفة باسم: (بابافانجا – Baba Vanga) عن عام 2025 والتي تقول: (بأنه سيحدث اتصال بين البشرية والفضائيين بعام 2025 وقد يحدث هذا الاتصال خلال حدث رياضي كبير كما تنبأت بحدوث كوارث طبيعية آسيوية وأزمة اقتصادية عالمية في هذا العام).
لمحة صغيرة عن العرافة البلغارية (بابا فانجا):
هي عرافة ومعالجة روحية بلغارية واسمها الكامل: (فانجليا بانديفا غوشتيروفا) ولدت في منطقة (ستروميكا) بشمال مقدونيا بتاريخ:
3 تشرين الأول – اكتوبر 1911 وتوفيت في مدينة (صوفيا) في بلغاريا بتاريخ: 11 آب – أغسطس 1996 وقد زعمت قدرتها على التنبؤ بالمستقبل وفقدت بصرها بسن المراهقة كما قضت معظم حياتها في منطقة تدعى: (روبيت) بجبال (بيلاسيكا) في بلغاريا.
كل هذه الادعاءات المذكورة أعلاه كانت مع الأسف مزيج من القليل جدا جداً من الحقائق العلمية والكثير الكثير من الاشاعات المُضللة والمثيرة والغير صحيحة التي تفتقر في جوهرها للإثبات والمصداقية العلمية.
إذا ما حقيقة هذا الخبر؟
بداية لنتعرف بالزوار القادمين من بين النجوم من خلال لمحة مُختصرة عنهم والذين دخلوا نظامنا الشمسي دون أن يُشكلوا أي تهديد لأي كوكب فيها بما فيهم كوكب الارض ففي كونٍ مليءٍ بالنجوم والكواكب والألغاز الكونية التي تفوق الخيال ولا نعرف عنها حتى اليوم أي شيء، لم يسبق أن عبرت مسارات مجموعتنا الشمسية سوى ثلاثة أجرام (بينجمية) مؤكدة وهذه الرحّالة الكونية كانت قد نشأت من أنظمة نجمية بعيدة، من خارج مجموعتنا الشمسية وقد غيّرت زياراتها لنا فهمنا الكُلي للفضاء.

هؤلاء المسافرون المَجَريون النادرون هم:
1 – الجسم الفلكي (اومواموا – 1I/ʻOumuamua):
اكتُشف بتاريخ: 19 تشرين الأول – أكتوبر 2017 وهو أول جرم (بينجمي) مؤكد والذيأذهلعلماء الفلك لحد الدهشة بشكله الغريب والمستطيل (يشبه شكل السيجار) وحركته غير العادية ومساره الغير المتوقع والجهة التي دخل منها لنظامنا الشمسي والتي كانت على عكس المذنبات التقليدية، حيث لم يُظهر ذيلًا غازياً أو غباريًا كما تفعل المذنبات الاخرى، مما أثار طرح نظرياتٍ تتراوح بين أن يكون شظايا كوكبية مُحطمة أومسبار فضائي (مركبة فضائية من عوالم أخرى) وهذا الغموض الذي يلف هذا الجسم الفلكي لا يزال محط جدال قائمً حتى يومنا هذا بين علماء الفلك إن كان هذا الجسم الفلكي طبيعيًا أم أنه شيئًا آخر؟
2 – الجسم الفلكي: (بوريسوف–2I / Borisov ):
اكتشف بتاريخ:٣٠ أب – اغسطس ٢٠١٩ وهو أول مذنب (بينجمي) واضح حيث تصرف هذا الجسم الفلكي وفقًا لتوقعات علماء الفلك فلقد كان له ذؤابة متوهجة، وذيل جليدي طويل، وتركيب كيميائي غني بأول أكسيد الكربون وقدمنح علماء الفلك أول نظرة على مواد غير معدلة من نظام شمسي مختلف فلقد كانت تركيبة بنيته من الجليدوالغاز، إضافة لأسرار كونية أخرى وصنف على انه مذنب مؤكد من الفضاء الخارجي (من خارج المجموعة الشمسية).
3 – الجسم الفلكي: (أطلس – 3I / ATLAS):
اكتشف بتاريخ: ١ تموز – يوليو ٢٠٢٥ وهو أحدث اكتشاف لجسم فلكي (بينجمي)كما انه أكبر حجماً وأكثر نشاطًا من سابقيه، وله ذؤابة متوهجة وذيل خافت وهو العملاقٌ بين هؤلاء الزوار الثلاثة ووفق الحسابات الفلكية فإن أقرب اقتراب له من الشمس سيكون في شهر تشرين الأول – أكتوبر ٢٠٢٥ وهو في طريق عودته إلى الفضاء بين النجوم إلى الأبد.
أهمية هؤلاء الضيوف القادمين من بين النجوم:
هم بمثابة كبسولات زمنية من عوالم فضائية، تحمل أدلةً حول التركيب الكيميائي والتاريخ وبنية الكواكب التي تدور حول نجوم أخرى.إنهم لا يُشكلون تهديدًا لكوكب الارض، بل هبة من الكون فكل اكتشاف لأحدهم يُمثل فصلًا جديدًا في تاريخ مجرتنا. لذا في المرة القادمة التي تنظرون فيها إلى السماء تذكروا انه قد يمرّ شيءٌ ما من على مسافات سنوات ضوئية لن تتكرر مشاهدته في حياتكم.
الآن ما حقيقة ما يُقال عن الجسم الفلكي الجديد (اتلاس):
يشهد المجتمع العلمي الفلكي هذه الأيام حدثاً نادرا ومثيرا وهو دخول جرم سماوي جديد للمجال الفضائي للمجموعة الشمسية قادمامن خارج مجموعتنا الشمسية (وليس من خارج مجرتنا كما يُشاع) وقد أطلق عليه علماء الفلك اسم:
(3I / ATLAS) بينما التسمية الرسمية لهذا الجرم السماوي هي: (C / 2025 N1) وهو ثالث جسم فضائي (بينجمي) يُكتشف بعد الجسم الفضائي المشهور والذي يدعى (اومواموا- Oumuamua) والذي تم رصده بعام 2017 والمذنب
(I / Borisov 2) وهي مذنبات تسافر عبر مجرتنا تماما كما تفعل شمسنا ومجموعتنا الشمسية.

ما هو الجسم البينجمي (An interstellar object):
الجسم (البينجمي) هو أي جسم فلكي، مثل المذنبات أو الكويكبات أو الكواكب الشاردة والضالة في الفضاء،وتنشأ من خارج النظام الشمسي ولا ترتبط بجاذبية أي نجم وتتنقل هذه الأجسام عبر الفضاء الشاسع بين النجوم، حيث قد تصادف مرور مساراتها عبر نظامنا الشمسي، ثم تواصل رحلتها عائدةً إلى الفضاء السحيق من جديد.
ماذا يعرف فعلا علماء الفلك اليوم عن زائرنا الجديد القادم من بين النجوم؟
الجسم الفلكي المعروف اليوم باسم (31 / ATLAS) هو جرم (بينجمي) ويسلك مدارًا قطعياً مفتوحاً (أي انه غير مرتبط بجاذبية الشمس) وتم اكتشافه لأول مرة بتاريخ:
1 تموز – يوليو 2025 (وليس بعام 2023 كما يُشاع) وذلك بواسطة منظومة تلسكوبات المسح (Asteroid Terrestrial impact Last Alert System) والمعروفة بالاختصار:
(ATLAS) والموجودة في منطقة (ريوهورتادو – Rio Hurtado)بدولة تشيلي، وهي شبكة مخصصة لمتابعة الأجرام التي قد تقترب من الأرض (وليس كما تقول الاشاعات بواسطة تلسكوبات: بان ستارس–Pan – STARRS والموجودة في جزر هواي).

وبعد يوم واحد فقط،أي بتاريخ: 2 تموز – يوليو 2025 أصدر مركز الكواكب الصغيرة: (Minor Planet Centre) والذي يدعى بالاختصار: (MPC) التعميم الرسمي الذي صنّفه كجسم بينجمي (3I) والذي دخل مجموعتنا الشمسية من فضاء يقع خارجها بينما لاحقًا رُصد هذا الجسم باستخدام تلسكوب (جيميني الشمالي بدولة تشيلي والتلسكوب الفضائي هابل) والذي نشر ادق الصور حتى الآن (وليس كما تقول الادعاءات بانه رصد من قبل التلسكوب الفضائي (جيمس ويب) والمعروف بالاختصار: (JWST).
هذا الجسم الفلكي الجديد عندما تم رصده لأول مرة كان يبعد نحو (670 مليون كيلومتر) عن الشمس، قادماً من اتجاه كوكبة نجوم القوس (Sagittarius) المتواجدة بالقرب من مركز مجرتنا (الطريق الحليبي) او كما يعرفها العرب (درب التبانة) مما جعل رصده صعبًا في البداية.
ما حجم وسرعة هذا الجسم الفلكي ( اتلاس)؟
تُشير بيانات تلسكوب هابل الفضائي إلى أن نواة هذا الجسم لا يتجاوز قطرها (5.6 كيلومتر ) وقد تكون أصغر ببضع مئات الأمتار بحسب انعكاسها ونشاطها (وليس كما تقول الادعاءات بأن حجمه يصل الى 9.9 كيلومتر) بينما سرعة تحليق هذا الجسم بين النجوم او ما يُدعى ب:
(hyperbolic excess) فهي حوالي (58 كم في الثانية) وهذا يعني انه يسافر بسرعة تقدر ب: (208.800 كيلومتر في الساعة) عبر الفضاء وترتفع سرعته عند اقترابه من الشمس لتصل إلى:
(68 كم في الثانية ) أي ما يعادل (244.800 كيلومتر في الساعة) وهذه السرعة طبعا ليست ثابتة بل تتغير بفعل جاذبية الشمس إضافة إلى ذلك، يُحتمل أن تظهر عليه تسارعات صغيرة غير جاذبية نتيجة انبعاث الغازات من سطحه، كما هو الحال مع المذنبات الطبيعية.
هل هذا الجسم الفلكي هو مركبة فضائية من عوالم أخرى؟
أغلب علماء الفلك يؤكدون ان الجسم الفلكي (31 / ATLAS) هو مذنب طبيعي وليس سفينة فضائية لأن الصور أظهرت بوضوح وجود (ذؤابةً – Coma) وذيلاً غبارياً ناتجًا عن تبخر الجليد بفعل حرارة الشمس يحيطان به. ومع ذلك، طرح بعض الباحثين ورقة علمية على موقع (arXiv) والتي افترضوا فيها احتمال أن يكون هذا الجسم الفضائي ذو أصل اصطناعي (مركبة فضائية)من صنع وتصميم حضارات فضائية أخرىبدلا من أن تكون قد تشكلت بعمليات طبيعية.
وما زاد في يقين هؤلاء الباحثين بنظريتهم هو انه للوهلة الأولى، بدا الجسم وكأنه مذنب.
ومع ذلك، سرعان ما بدأت ملامحه تُحيّر هؤلاء الباحثين، حيث بدا وكأنه يُصدر ضوءًا من مقدمته، كما لو أن شيئًا ما يدفعه. كما أن مساره في الفضاء دقيق جداً وبشكل مثير للريبة، حيث يقع في نفس المستوى المداري لكواكب المجموعة الشمسية، ويتجه مباشرةً عبر مناطق من الفضاء تُعدّ مثالية للرصد.
هذا المزيج من الشذوذ لهذا الجسم الفلكي دفع هؤلاء الباحثين بعلم الفلك بما فيهم عالم الفلك البروفيسور(آفيلوب)من جامعة هارفارد، إلى اقتراح أن هذا الجسم قد يكون أكثر مما يبدو عليه كما ويُجادلهذا العالم بأن حجم هذا الجسم الفلكي وسرعته وتوهجه غير العادي قد يشير إلى تصميم متطور وقد يكون بمثابة (سفينة فضائية –أم-)قادرة على نشر مسابير أصغر لاستكشاف الأنظمة الكوكبية.
قد تبدو فكرة عبور مركبة فضائية تنتميلعوالم فضائية أخرىمن نظامنا الشمسي ضربًا من الخيال العلمي، في نظر الكثيرينومع ذلك (فهي حقيقة أكدتها شواهد كثيرة على الأرض لكن بدون تأكيدات رسمية حكومية واضحة)ولهذا فإن الجدال فيها هذا الموضوع لا يحدث بين العلماء اليوم لأول مرة كما انها ليست المرة الأولى التي تُطرح فيها مثل هذه النظريات. ففي عام 2017، حيّر زائر فلكي آخر كان قادما من بين النجوم، ويُدعى (أومواموا)، حَيَر العلماء بسبب شكله الاسطواني الممدود وتسارعه الغريب، والذي كان بحق أحجية لم تُحل حتى يومنا هذا وأثار جَدَلا مماثلاً وقد يُعيد الجسم الفلكي الجديد والذي يُعرف حالياً باسم: ( 31 / ATLAS )،، إثارة هذه الأسئلة والجدال بين علماء الفلك من جديد وربما بقوة أكبر مع أنه لا يوجد بينهما أي وجه للمقارنة الا في الشكل الخارجي.
لكن ومع ذلك فإن هذا الافتراض لبعض علماء الفلك لا يتعدى كونهفكرة ومجردنظرية، لا تستند الى دليل رصدي مباشر أو أي دليل عملي يثبت ذلك بل إلى نَمذجة لمسار هذا الجسم الفلكي وحسابات افتراضية لا أكثر.
أسماء الباحثين اللذين نشروا الورقة العملية التي تفترض أن هذا الجسم الفلكي قد يكون مركبة فضائية كانت بعنوان (هل 31 / ATLAS تكنولوجيا فضائية غريبة):
1 –(أفي لويب – Avi Loeb) وهو أستاذ بعلم الفلك بجامعة هارفارد.
2 – (أدم هيبرد – Adam Hibberd) باحث في مبادرة الدراسات البين نجمية (i4is) في مدينة لندن.
3 – (آدم كرول – Adam Crowl) باحث في مبادرة الدراسات البين نجمية (i4is) في مدينة لندن.
في حين أن فرق الرصد التي استخدمت التلسكوبين (هابل وجيميني) مثل الباحث (ديفيد جويت) من جمعة كاليفورنيا (UCLA) والباحثة (كارين ميك) من جامعة هاواي أكدوا أن هذا الجسم الفلكي هو مذنب طبيعي.
ربما الباحثين الذين افترضوا ان هذا الجسم الفلكي قد يكون مركبة فضائية من حضارات وعوالم فضائية أخرى على غرار رصد الجسم الفلكي الغامض حتى يومنا هذا (امواموا ) والذي تم رصده بعام 2017 لأنه لم يكن يتحرك كمذنب ولم يُظهر أي ذؤابة أو ذيل والاهم من هذا كان تسارعه بشكل غامض كما أن طول قطره لم يكن أكثر من بضع مئات من الأمتار وحتى رصده في الفضاء كان يبدو كنقطة ضوئية.
في حين ان الجسم الفلكي ( 31 / ATLAS ) أظهر نشاطاً واضحاً كالمذنبات وحجم نواته أكبر من (امواموا) بكثير فهو يصل لطول (5.6 كم )كحد اقصى ومشاهدته عند الرصد أظهرت بوضوح وجود ذؤابة وذيل غباري حوله.
لمحة مختصرة للتعريف بالجسم الفلكي (اومواموا):
أومواموا(1I/ʻOumuamua) هو أول جسم بينجمي مؤكد يتم اكتشافه أثناء مروره عبر النظام الشمسي. وقد حصل على التعيين الرسمي (1I/2017 U1) وتم اكتشافه من قبل الكندي (روبرت ويرك– Robert Weryk) باستخدام تلسكوب (Pan-STARRS) في مرصد (هاليآكالا- Haleakalā Observatory) بجزر هاواي، وذلك بتاريخ 19 تشرينالأول – أكتوبر 2017، أي بعد حوالي 40 يومًا من مروره بأقرب نقطة له من الشمس في 9 أيلول –سبتمبر2017.
عندما تمت ملاحظته لأول مرة، كان على بعد حوالي(33 مليون كيلومتر) أي ما يعادل (0.22 وحدة فلكية) من الأرض وبتشبيه أخر (أي حوالي 85 ضعف المسافة بين الأرض والقمر)، وكان بالفعل في طريقه مُبتعدًا عن الشمس.

(أومواموا) هو جسم صغير قُدِّر طوله بما بين: (100 و 1000 متر) بينما قُدِّر عرضه وسماكته بما بين (35 و 167 مترًا.) لونه يميل للأحمر، وهو شبيه بأجسام النظام الشمسي الخارجي.
ورغم اقترابه من الشمس، لم يُظهر (أومواموا) أي علامات لوجودذؤابة (coma)، وهي السحابة الغازية المُعتادة التي تُحيط بالمذنبات عند مرورها قرب الشمس. إضافة إلى ذلك، أظهر تسارعًا غير جاذبي، ويُحتمل أن يكون سببه انبعاث الغازات (outgassing)أو الدفع الناتج عن ضغط الإشعاع الشمسي. كما أن معدل دورانه يشبه معدلات دوران كويكبات النظام الشمسي، لكن بعض النماذج العلمية تسمح بكونه ممدودًا بشكل غير اعتيادي مقارنة بمعظم الأجسام الطبيعية المعروفة في النظام الشمسي.
يبدو أن (أومواموا) جاء من اتجاه قريب من نجم فيغا (Vega) في كوكبة القيثارة (Lyra)ويبلغ انحراف اتجاه حركته عن قمة النظام الشمسي (الاتجاه الذي تتحرك فيه الشمس نسبةً إلى النجوم القريبة) 6 درجات، وهو الاتجاه الأكثر احتمالًا لقدوم الأجسام البينجمية.
في: 26 تشرين الأول –أكتوبر 2017، تم العثور على رصدين سابقين من مشروع (Catalina Sky Survey) يعودان إلى 14 و17 تشرين الأول 2017 أكتوبر. وأثبت قوس رصدي استمر أسبوعين أن مساره فرط قطع (hyperbolic) بشكل واضح. إذ بلغت سرعته الزائدة عند اللانهاية (Hyperbolic excess velocity) حوالي (26.33 كيلومتر في الثانية) أي ما يعادل (94.788 كيلومتر في الساعة) وهي سرعته بالنسبة للشمس عندما يكون في الفضاء بين النجوم.
بحلول منتصف تشرين الثاني –نوفمبر 2017، كان علماء الفلك متأكدين من أنه جسم بينجمي. وبناءً على مشاهدات امتدت 80 يومًا، تبيّن أن شذوذه المداري (eccentricity)هو1.20، وهو الأعلى الذي يُرصد على الإطلاق حتى اكتشاف الجسم (21 بوريسوف – 2I/Borisov) في شهر أب – أغسطس 2019.
وتعني قيمة الشذوذ الأكبر من: (1.0) وما فوق أن الجسم الفلكي قد تجاوز سرعة الإفلات الشمسية، أي أنه غير مرتبط بالجاذبية الشمسية، وبالتالي يمكنه الهروب إلى الفضاء بين النجوم. ورغم أن الشذوذ الذي يزيد قليلًا عن: (1.0) يمكن أن ينتج عن لقاءات مع الكواكب (كما حدث مع حامل الرقم القياسي السابق المذنب C/1980 E1)) إلا أن شذوذ(أومواموا) الكبير لا يمكن أن يكون قد نتج عن لقاء مع أي كوكب في النظام الشمسي. حتى الكواكب غير المكتشفة (إن وُجدت) لا يمكن أن تفسر مساره أو تزيد من سرعته إلى القيمة المرصودة. ولهذه الأسباب، فإن أصله لا بد أن يكون (بينجميًا.)
الجسم الفلكي (أومواموا) دخل النظام الشمسي من شمال مستوى مَسار الشمس أو ما يدعى فلكيا ب: (Ecliptic)وقد أدت جاذبية الشمس إلى تسريعه حتى وصل إلى أقصى سرعة له، وهي: (87.71 كيلومتر في الثانية) ما يُعادل: (315.800 كيلومتر في الساعة) عندما مَرَ جنوب مستوى مسار الشمس وذلك بتاريخ: 6 أيلول – سبتمبر 2017 وعند أقرب اقتراب له من الشمس (Perihelion) بتاريخ: 9 أيلول – سبتمبر 2017 انحنى مساره بشكل حاد نحو الشمال حيث كان على مسافة وقدرها: ( 0.255 وحدة فلكية) أي ما يُعادل: (38.100.000 كيلومتر) من الشمس أي أنه كان أقرب بنسبة (17 %) من أقرب اقتراب لكوكب عطارد من الشمس.
الجسم الفلكي (Oumuamua) يتجه الآن مبتعدًا نحو كوكبة الحصان المُجَنَح والذي يُدعى فلكياً ب (Pegasus)، نحو نقطة تلاشي تقع على بُعد 66 درجة عن اتجاه قدومه.

هل سيشكل المذنب (اتلاس )خطرًا على الأرض؟ وهل يمكن رؤيته بالعين المجردة؟
الجواب بشكل قاطع: لا .. لا خطر على كوكب الأرض على الاطلاق فالحسابات الفلكية تُظهر أن أقرب مسافة له من الأرض عند مروره ستكون نحو (1.8 وحدة فلكية) أي انه سيكون على بعد أكثر من (270 مليون كيلومتر) وهي مسافة آمنة جدا وهذا يعني أيضاً انه لن يكون مرئياً بالعين المجردة من الأرض مع الأسف لأنه لن يكون لامعاً بما يكفي ليُرى دون تلسكوب بل من خلال التلسكوبات الكبيرة أو متوسطة الحجم ومن المتوقع أن يصبح مرئيًا مجددًا عبر التلسكوبات الأرضية فقط بعد خروجه من وهج الشمس فيأوائل شهر كانون الأول – ديسمبر2025.
متى سيصل هذا الجسم الفلكي إلى أقرب نقطة من الشمس؟
من المتوقع أن يصل الى أقرب نقطة من الشمس بتاريخ: 29 تشرين الأول – أكتوبر 2025 ثم سيتابع طريقه الى الفضاء بين النجوم من جديد.
الخلاصة:
برغم الشائعات التي تداولها البعض عن احتمال أن يكون الجسم الفلكي (31 / ATLAS) مركبة فضائية هي ادعاءات عارية عن الصحة فكل الأدلة العلمية تؤكد أنه مذنب طبيعي قادم من فضاء بعيد.ورغم أنه لن يكون مشهدًا مرئيًا بالعين المجردة، إلا أن العلماء يعتبرونه كنزًا علميًا نادرًا، لأنه يمنحهم فرصة لدراسة مادة قادمة من خارج نظامنا الشمسي وفي كل الأحوال سواء كان هذا الجسم الفلكي مذنبًا أو كويكبًا أو شظايا صخرية شاردة في الفضاء أو شيئًا أكثر غرابة ودهشة (مركبة فضائية)، فإن هذا الجسم يُذكرنا بالمجهول الشاسع الذي يقبع خلف سمائنا ولا نعرف عنه أي شيء. وإلى أن يكشف المزيد عن هذا الجسم الفلكي، لا يسع البشرية إلا أن تُراقبه من بعيد وهو يقترب – متسائلةً عما إذا كنا نشهد اقتراب كائن كوني متجول أم عبور زائر فضائيمن عوالم أخرى حقًا.
رأي شخصي:
شخصياً كم كنت أتمنى لو كان أحد هذه الأجسام الفلكية هو فعلاً مركبة فضائية وليس جسما فلكيا عابراً فقد آن الاوان لنرى أولاد عمومتنا من العوالم الفضائية الأخرىلأنه من المحال أن يكون كوكب الارض هو الكوكب الوحيد الذي توجد عليه مخلوقات وحياة ضمن كون يبلغ طول قطره 93 مليار سنة ضوئية ويحتضن مليارات الكواكب
وما يذهلني حقاً هو اعتقاد بعض البشر بأن الله سبحانه وتعالى قد خلق مَجَرة بأكملها فقط للجنس البشري وليعيشوا على مساحة نسبتها: 0.000,000,000,000,000,000,000,000,000,0306% مقارنة باجمالي مساحة مَجرتنا فقط (وليس بكامل الكون) وليعيشوا مدة زمنية نسبتها: 0.0022% من عمر وجود مجرتنا الكوني ورغم هذا لا يزالون يظنون انهم الوحيدون على قيد الحياة في هذا الكون؟!

بقلم: الكابتن البحري وربان أعالي بحار
مصطفى كريدلي
(عضو في اتحاد الباحثين الفلكيين الهواة اليوناني (EEAE)
ملاحظة: تم نشر هذا المقال بمجلة (الفلكيين الهواة) اليونانية وبصحيفة الدنيا الالكترونية السورية.
المصادر الفلكية التخصصية:
- NASA Planetary Defense Blog — discovery and approach direction (Sagittarius), distance at discovery.
- MPEC 2025-N12 (MPC) — official 3I designation and discovery circumstances. net
- Seligman et al., 2025 (arXiv) — early discovery/characterization analysis. arXiv
- Jewitt et al., 2025 (arXiv) — Hubble size constraints & coma detection. arXiv
- ESA/Hubble News Release — HST imaging; re-emergence timing after solar conjunction. ESA/Hubble
- NASA Science (Hubble) — size limits (nucleus <5.6 km), imaging details. NASA Science
- NOIRLab/Gemini — ground-based images showing cometary activity (coma/tail). Gemini University
- Rubin Observatory analyses (arXiv) — observational data and references to CBET notice. arXiv
- The Astronomer’s Telegram #17275 — professional follow-up photometry. The Astronomer’s Telegram
- Hibberd, Crowl & Loeb, 2025 (arXiv) — the speculative “alien technology” hypothesis and author






