
فن الإختلاف
أختلف معك فكرياً وسياسياً ورؤيوياً، لكني احترمك إنسانياً واخلاقياً، وابحث فيك عن نقاط اخرى للتلاقي والتماهي.
هناك مساحة لكل منا ورؤية وقناعة، وهناك لكل منا طريقة في الحياة وأسلوب وخارطة طريق .
وانه من أعمق المبادئ وأجملها في الإنسان تلهفه لتقدير الآخرين ومد الجسور اليهم والتلاقي معهم .
إن قبول الآخر والإحتفاء به كما هو والبحث عن نقاط للتلاقي معه والتماهي هو فن آخر قائم بحد ذاته.
وهو من علامات الحضارة ورقي التربية وتميز الثقافة .
وحدهم المتعصبون المتشددون من يقطعون الطريق في اتجاه الآخر المختلف ويحولون دون مد الجسور اليه والتلاقي معه بدعوى الإختلاف الذي يحولونه إلى إختلاف حقيقي ينتج الحساسيات ويعزز التناقضات ويفرز العداوات .
فالمتعصب والمتشدد وهو رديف بيئة محدودة وتربية ضعيفة ونشأة سلبية وثقافة مشوهة زرعت فيه وكرست أحادية التفكير . فصار نظام عقله لايعمل الا في اتجاه واحد عاجزاً عن العمل في اتجاهين متبادلين أو متناظرين أو متعاكسين .
فهذا المنطق الإقصائي القائل ” اما ان تكون مثلي أو انت خصمي وعدوي ” هو منطق الغائي غير مناسب بكل المقاييس والمعايير وقد آن لنا العمل لتجاوزه وتخطيه .
إذ مالمشكلة في ان أتحاور واتشاور واتقارب واتفاعل مع الآخر المختلف عني رؤيوياً وفكرياً وثقافياً واتلاقى معه في نقاط اخرى وجوانب عديدة ؟
أولم يخلقنا الله تعالى شعوباً و ألواناً واعراقاً كي نتلاقى ونتعاون ونتواصل ونتفاعل ونتحابب ؟
وهو جل جلاله كان قادراً ان يخلقنا جميعاً سواسية ونماذج مطابقة لبعضنا
اليس في ذلك حكمة آن لنا ادراكها وتخطي آثار عدم استيعابها المدمرة؟
إن قبول الآخر لاينم عن ازدواجية كما يتصور البعض ، وإنما هو إنسانية وتربية وثقافة متميزة تنفتح على حقائق تعدد الواقع الإنساني وتنوعه، تحتفي بالآخر كما هو لا كما نريده أن يكون ..
فمتى ترانا نجيد بعض ابجديات ثقافة فن الاختلاف التي تسهم في تأسيس الغد الأجمل والأفضل والأمثل الذي نصبو إليه ونتوق؟.
د. سامر العطري