اخبار الدنيا

من مضيفة إلى زوجة رئيس - الخيال الشعبي

من مضيفة إلى زوجة رئيس - الخيال الشعبي

من مضيفة إلى زوجة رئيس – الخيال الشعبي

في طوكيو عام 1959، كانت الشابة ناوكي ناكاتا (Naoko Nemoto)، البالغة من العمر 19 عاماً، تعمل مضيفة في فندق “إمبريال” الشهير، حين التقَت برجلٍ غيّر مصيرها إلى الأبد: الرئيس الإندونيسي سوكارنو.

لا بد من العودة إلى البدايات وُلد أحمد سوكارنو في 6 يونيو 1901 بمدينة بليتار بجاوة الشرقية، لأب جاوي مُعلّم وأم من بالي تنتمي إلى طبقة البراهمة البوذية، تلقّى تعليمه في إندونيسيا، وتخرّج مهندساً معمارياً قبل أن ينخرط في النضال السياسي، ويُصبح أحد أبرز وجوه الحركة الوطنية ضد الاستعمار الهولندي، وبعد استسلام اليابان في أغسطس 1945، أعلن سوكارنو، برفقة محمد حَتّا، استقلال إندونيسيا في 17 أغسطس 1945، ليتولّى رئاسة الجمهورية حتى عام 1967.

عرف سوكارنو بكاريزما استثنائية، وخطابٍ جذّاب، وفلسفة سياسية جمعت بين القومية، والعدالة الاجتماعية، والإيمان بالله، في ما عُرف بـ”البانكاسيلا” (المبادئ الخمسة). كما كان معروفًا بشغفه بالنساء، فتزوّج رسميًّا أربع زوجات:

  • سيتي أوتينان (1921)، ابنة زعيم وطني، وانفصل عنها بعد سنوات.
  • إنغريت غارناسيه (1923–1943)، التي دعمته في منفاه.
  • فاتماوتي (1943)، أشهر زوجاته، وخاطت أول علم إندونيسي بعد الاستقلال.
  • وديوي سوكارنو (1962)، اليابانية التي التقاها خلال زيارة رسمية لليابان.

عندما تزوّج سوكارنو ديوي، كان في الحادية والستين من عمره، بينما كانت هي في الثانية والعشرين. أثار الزواج جدلاً في إندونيسيا، لأن الذاكرة الجماعية لا تزال تحمل مرارة الاحتلال الياباني (1942–1945) لم تحمل ديوي لقب “السيدة الأولى”، بل زوجة من بين زوجات، ورافقت سوكارنو في بعض المناسبات دون أن تلعب دوراً سياسياً مؤثراً.

أما سقوط سوكارنو، فقد كان نتيجة أزمة سياسية عميقة تفاقمت بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 30 أيلول 1965، والتي استغلها الجنرال سوهارتو لعزله تدريجيًّا، قبل أن يُوضع تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته في 1970، لم يكن زواجه من ديوي سبباً في سقوطه، كما يروّج الخيال الشعبي.

بعد وفاة سوكارنو، عادت ديوي إلى اليابان، حيث أعادت اختراع نفسها كشخصية إعلامية بارزة، ظهرت في برامج تلفزيونية، وكتبت مذكراتها، ودافعت عن قضايا اجتماعية، وقد رفضت كل الادعاءات حول كونها جاسوسة، مؤكدة أن علاقتها بسوكارنو كانت قائمة على الإعجاب المتبادل، لا على المؤامرة.

وهكذا، تبقى قصة ديوي سوكارنو رمزاً لتقلّبات الزمن: من فتاة فقيرة في طوكيو إلى زوجة رئيس دولة، ثم إلى نجمة إعلامية، لكنها ليست أسطورة تجسس، بل حكاية إنسانة عاشت في ظلّ رجلٍ عظيم، وتركت بصمتها، ليس في السياسة، بل في الذاكرة الثقافية بين إندونيسيا واليابان.

المصادر:

زر الذهاب إلى الأعلى