اخبار الدنياسورية والعالم
أخر الأخبار

الغاء الدعم

الغاء الدعم

الغاء الدعم الحكومي في سوريا، هل نلغي الدعم؟
نشأنا في ظل حكومات تقدم الدعم حتى تحول هذا الدعم لحقٍّ أصيل من حقوقنا يتمسك به غير الاشتراكي أكثر من تمسك الاشتراكي به، فالمزارع والصناعي والمواطن وحتى أكثر منتقدي الفكر الاشتراكي يتحدثون عن الدعم كحق مقدس يُمنع المساس به.
فما هو الدعم ولماذا يُقدم وما هي أشكاله؟
الدعم هو قيام جهة ما “الدولة” بتقديم سلع أو خدمات باقل من تكلفتها لتمكّين فئة معينة من الحصول عليها، أو تقديم تسهيلات و إعفاءات مقابل تنفيذ سياسة أو خطة معينة.
من نافل القول إن تقديم رواتب هزيلة هو أهم مبررات الدعم “وبالتالي يصبح الحل: أعطني راتباً عادلاً ولا تدعمني”.
برايي إن من الخطأ اعتبار التوظيف في القطاع العام واجب حكومي والأصح تشجيع القطاع الخاص على خلق فرص العمل: “فتح أفاق جديدة للعمل الخاص، تقديم تسهيلات إدارية وتخفيضات ضريبية للمشاريع التي تستوعب قدرا من العمالة من خلال تقديم تخفيضات ضريبية للمنشآت لكل مؤسسة تستوعب فئة وظيفية”، “تقديم خفيض ضريبي يتناسب مع الرواتب و المكافآت والحوافز والنسب التي تدفعها المؤسسات لموظفيها و المتعاقدين معها و الوسطاء”، تشميل المصاريف التي تدفعها المؤسسات للعمالة السوداء بمصاريف الشركة بشرط تقديم ما يثبت حدوثها وقبول هذه المصاريف بالملف الضريبي”لا يجوز أن يحصل على الدعم حرفي غير مسجل بأي فعالية بينما يحقق دخلاً أكبر من طبيب أو محامي”.
ماهي أشكال الدعم ولماذا تقدمه الحكومات؟
تقدم معظم الحكومات الدعم للقطاعات الاستراتيجية “مثلاً دعمت روسيا والسعودية زراعة القمح طويلا كي لا يشكل الحصول على القمح عامل ضغط سياسي عليهما”،
في الصناعة معظم الدول كتركيا والصين تقدم إعفاءات ضريبية أو تسهيلات إدارية لبعض الصناعات التي ترغب بدعمها.
تقوم بعض الدول بشراء المواد الاستراتيجية “قمح، زر، سكر..” و تبيعها للمواطن باقل من تكلفتها لتمكينه من الحصول عليها.
تقوم الدول المتقدمة بتقديم الدعم للعاطلين عن العمل والطبقات الفقيرة من خلال برنامج دعم مالي (بطاقة ائتمان يوضع بها مبلغ شهري يحق للمستفيد سحب جزء بسيط منه نقداً ويمكن له شراء ما يشاء من أي مكان) *- بعض الدول تقيّد شراء السلع الكمالية بهذه البطاقة.
ميزات و سلبيات الدعم:
قبل الحرب كنا نلاحظ أن المسافرين للأردن ولبنان يملؤون خزانات سياراتهم ويشترون الأدوية وبعض السلع بكميات تجارية قبل مغادرتهم “لأنها في سورية أرخص”.
أحدهم استخرج اقامة لابنه حين وصل ابنه لمرحلة الدراسة الجامعية وسجّله في جامعة دمشق فتخرج منها وأتم دراسته في بلد غربي “قال والده: إن ابنه أقام في دمشق ودرس الجامعة خمس سنوات كان إجمالي تكلفتها أقل من نفقات إقامه ابنه شهرين في البلد الغربي الذي أتم دراسته”.
اشترت صديقة صينية ثلاثة علب دواء حين ارادت دفع ثمنهم أبرزت هويتها الصينية، وقالت إن هذا الدواء مدعوم يحق لي شراء علبتين فقط شهرياً والزيادة يجب دفع ثمنها بالسعر العادي، وكان هذا مكتوبا بالفاتورة بشكل صريح.
إن مثال واضح لحصر الدعم بالمواطن فقط، فلا يتكسب منه تاجر الشنطة ولا يستفيد منه السائح والمقيم غير المواطن.
في سورية التعليم و الطبابة مدعومين، وكذلك معظم الأدوية، والكهرباء لمعظم الشرائح، وبعض الأغذية كالخبز والأرز والسكر رغم هذا فالدعم بشكله الحالي لا يرضي الفقير ولا يشعر بأهميته المقتدر، ولكنه يسعد الفساد والفاسدين.
برأيي أن الحل المثالي عبارة عن تسلسل للخطوات التالية:
1- تحديث موارد الدولة بعيداً عن رفع الضرائب وارهاق المواطن “استصلاح وطرح المرافق غير المفيدة أو الخاسرة للاستثمار والمشاركة بالأرباح ببدلات استثمار عادلة ومتغيرة حسب قيمة القوة الشرائية للنقد” ، “طرح محاضر سكنية وصناعية” ، “تقدم تسهيلات إدارية و إعفاءات ضريبية لإنشاء شركات تنسجم مع احتياجات الدولة”.
2- التخلي عن سياسة امتصاص السيولة كوسيلة لتثبيت سعر الصرف.
3- اجراء مسح جدي ومنطقي لمستحقي الدعم “بعيداً عن المحسوبيات والعواطف” فهناك مهندسين ومحامين واطباء حالة بعضهم ليست بافضل من حال الموظف.
4- السماح باستيراد الوقود والمواد الغذائية والوقود وكافة مستلزمات الزراعة والبذار برسوم مخفضة ودون قيود لكــــل القطاع الخاص وفتح باب المنافسة.
5- تبسيط الحصول على السجل الصناعي في المناطق الصناعية بحيث لا تتجاوز 10ايام عمل.
6- الغاء كافة الرسوم عن مستلزمات محطات توليد الكهرباء والشبكة الكهربائية والوقود اللازم لتوليد التيار الكهربائي “بغرض خفض كلفة توليد وتوزيع الكهرباء”.
7- إجراء زيادات متتالية برواتب المتقاعدين و العسكريين والموظفين بحيث تصل لمستوى الرواتب بدول الجوار خلال 18شهر.
8- عملية اصلاح لمعالجة الترهل الاداري تشمل تخيير الموظف بين تقاعد مبكر أو اتباع دورات لتطوير مهاراته على ان يتم إجراء مسح دوري لكفاءة الموظفين وترقية الناجح ومعاقبة أو استبعاد الفاشل.
9- إجراء دراسة عاجلة لمفاقيد شبكة توزيع المياه ومعالجتها واتباع اسلوب الشرائح لاستهلاك المياه، وفرض غرامات رادعة على كل من يهدر المياه وخاصة الدوائر الرسمية.
10- إجراء دراسة عاجلة لمفاقيد الشبكة الكهربائية ومعالجتها وخاصة سرقة الكهرباء.
11- تقديم عدادات كهربائية مسبقة الدفع و”مؤقتــــة” لمناطق العشوائيات والمخالفات مع الإشارة انها ليست اعترافاً بالحق بشغل العقار “و إنما لمنع سرقة الكهرباء” لتخطي هذه العقبة القانونية تنفيذها عن طريق التعاقد مع شركة قطاع خاص مع وضع بند في العقد بأن تعاقداتها لا تلزم الحكومة باي التزام”.
12- التوجيه لكافة الجهات الحكومية بضرورة تسديد ما يترتب عليها من فواتير “كهرباء، هاتف، ماء..” ومعاملتها مثل القطاع الخاص.
13- الابقاء على دعم الشرائح الثلاث الأولى للكهرباء المنزلية لمدة سنتين يرفع بعدها الدعم تدريجياً، ورفع الدعم تماماً عن باقي الشرائح.
14- استخدام عدادات كهربائية ذكية تقوم بحساب الاستهلاك بشكل الي وتقدم اكثر من قيمة للاستهلاك “رفع القيمة باوقات الذروة”.
15- تعديل خدمات المشافي والمستوصفات و صيدليات الدولة بحيث تغطي ثلاث فئات:
أ‌- مجاني خاص بالمتقاعدين والموظفين وعائلاتهم ومستحقي الدعم مع تحسين جودة الخدمات.
ب‌- مدعوم جزئياً بحيث يتم تقاضي نسبة مخفضة من التكاليف ويغطي كل الراغبين بتلقي العلاج به مع تحسين جودة الخدمات.
ت‌- غير مدعوم ويعامل كالمشافي الخاصة بعد إجراء عملية تحديث شاملة لهذه الأقسام.
16- تنشيط دور الجمعيات الخيرية “الفعالة” لتحويلها لجمعيات تنموية والسماح لها باقامة مشاريع استثمارية: “مشافي، صيدليات، سوبر ماركت، محلات البسة..الخ” مما يؤمن واردات تدعم عمل هذه الجمعيات وتقدم خدمات باسعار مخفضة للمواطن.
17- رفع الدعم واستبداله ببدل نقدي يتم الحصول عليه بشكل الي عبر بطاقة مصرفية خاصة لمستحقي الدعم.
أخيراً وليس أخراً حكومة مؤهلة ترغب بالعمل بشكل صادق وإيجابي وتجنب تكرار الماضي، وهنا أقتبس من الصحافي المميز الأستاذ Ziad Ghisn جزء من مقالته:
“لدينا شريحة من المسؤولين ليسوا فقط فاشلين في الإدارة، وإنما ليس لديهم قابلية للتعلم من تجاربهم وأخطائهم”.
فيصل العطري
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط ولا يمثل رأي الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى