أدب وفن ورياضة

حفلة السيدة أم كلثوم في باريس

حفلة السيدة أم كلثوم في باريس

حفلة السيدة أم كلثوم في باريس: لحظة تاريخية وتحديات غير متوقعة

من أهم المحطات الفنية بحياة السيدة أم كلثوم حفلتها الشهيرة في باريس، التي
جرت في عام 1967. كانت هذه الحفلة محط اهتمام كبير، حيث كانت أم كلثوم تمثل رمزًا للفن العربي الأصيل.

حين سأل مدير المسرح السيدة أم كلثوم: كم تتوقع أن تطول الحفلة؟
أجابته بأنها ستغني ثلاث اغنيات وبعدها حسب انسجام الجمهور.

فشعر مارسيل ديسور “مدير المسرح” بالقلق فهو معتاد على الاغاني القصيرة 2-5دقائق، وشعر بالغبن خاصة أنه دفع لها مبلغ 14الف جنيه استيرليني وكان مبلغاً هائلاً بعملة ذاك الزمان، فلا يعقل أن يحجز المسرح  ويستقبلها من المطار هي وفرقتها الموسيقية ويحضر الصحافة والاعلام ويقوم بكل هذا لأجل ثلاثة اغنيات فقط!!!.

حفلة باريس:
أقيمت الحفلة في 24 فبراير 1967، في قاعة “أولمبيا” الشهيرة، التي كانت تعتبر واحدة من أبرز المسارح في فرنسا وأوروبا.
تجمع حولها العديد من عشاق الموسيقى العربية، كان هناك حضوراً كثيفاً من كل الملل بما فيهم اليهود الشرقيين “رغم التحذيرات التي تلقوها بمقاطعة الحفل”، كان الحضور كثيفاً للاستمتاع لطربها الأصيل وأإنياتها المميزة التي تمزج بين العاطفية والتراثية.

كانت أم كلثوم تغني على خشبة المسرح بثقة وجاذبية، وقدمت مجموعة من أشهر أغانيها مثل “أنت عمري” و”الإنتصار” و”فكروني”.

بعد أن مضت الساعة الأولى قبل أن تنتهي أغنية إنت عمري وكان الجمهور في غاية الانسجام تبدد قلق مدير المسرح وفهم ما قصدته الست، والذي وصفته الصحافة الفرنسية في اليوم التالي بسحر أم كلثوم.

وحين سألت صحافية أحد الحضور اليهود عن سر إعجابه بالسيدة أم كلثوم رغم موقفها المعادي لإسرائيل أجاب:
لايهم.. فهي أفضل مطربة في العالم.

تجاوزت أم كلثوم القلق والانفعال و وصلت لذروة لانسجام مع جملة أعطني حريتي أطلق يديّ…
في اليوم التالي قالت الصحافة:
بعد منتصف الليل كانت أم كلثوم لا تزال تغني و أن أم كلثوم كانت تصرخ بوجه الغرب وتطالب بالحرية للعرب.

أثناء الحفل:
خلال الحفل كان أحد المعجبين متأثراً بشدة بفن أم كلثوم وحين حظي بفرصة رؤيتها لم يتمكن من السيطرة على مشاعره وأراد التعبير عن إعجابه بطريقة غير تقليدية، تم التدخل بسرعة من قبل قوات الأمن، وتمكنوا من إنقاذ الموقف، تجازوت أم كلثوم الموقف بذكاء و بطريقة كوميدية بعد أن تمت مساعدتها على الوقوف واستأنفت الغناء فأكملت الأغنية بعد استبدال كلمة “مثلنا” بـ”بيننا”، فغنّت: (“هل رأى الحب سكارى “بيننا”)، وهي تشير إلى الشاب الذي كان رجال الأمن يقودونه للخارج.

رغم التنظيم والاستعداد الباهر للحفل، تعرضت السيدة أم كلثوم لحادث لم يكن في الحسبان، إذ حدث انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي أثناء أدائها، مما أدى إلى إطفاء الأنوار و توقف الموسيقى “يقال أنها كانت مؤامرة تستهدف افساد الحفل”.
في لحظة الذعر، كان من الممكن أن تتحول الأجواء إلى الفوضى، ولكن أم كلثوم أثبتت احترافيتها وهدوءها في مثل هذه الظروف. فبدلاً من القلق، بدأت تغني دون موسيقى، مستعينة بصوتها الجهوري وجاذبيتها المذهلة لتبقي الجمهور متفاعلاً.

استطاعت أم كلثوم أن تسيطر على الموقف، واستمر الجمهور في التفاعل معها، مؤكدًا حبه وتقديره لها. بعد قليل من الزمن، عادت الكهرباء، واستكملت الحفلة بطريقة رائعة، مما جعل هذا الحادث جزءًا من ذكريات هذا العرض الاستثنائي.

ختاماً:
تظل حفلة أم كلثوم في باريس واحدة من أبرز اللحظات في تاريخ الفنون العربية.
تمامًا كما تغلبت على التحدي الذي واجهته، تظل أغانيها وتعابيرها الفنية حية في ذاكرة الجماهير.
كانت هذه الحفلة تجسيداً حقيقيًاً لقوة الفن وقدرته على تجاوز العقبات، مما يجعل أم كلثوم رمزًا خالداً في عالم الموسيقى.

سامر العطري

معجب يحاول تقبيل قدمي السيدة أم كلثوم أثناء حفلة باريس
أم كلثوم على الأرض في حفلة باريس
زر الذهاب إلى الأعلى